تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٣٥٧
حجاب يحجب استعدادهم عن قبول الكمال من هيئة راسخة ظلمانية * (أو تأتيهم) * القيامة الصغرى * (بغتة وهم لا يشعرون) * بنور الكشف والتوحيد، فلا يرتفع حجابهم فيبقون في الاحتجاب أبدا.
* (قل هذه) * السبيل التي أسلكها، وهي سبيل توحيد الذات * (سبيلي) * المخصوص بي، ليس عليه إلا أنا وحدي * (أدعو إلى) * الذات الأحدية الموصوفة بكل الصفات في عين الجمع * (أنا ومن اتبعني) * في هذه السبيل وكل من يدعو إلى هذه السبيل فهو من أتباعي، إذ الأنبياء قبلي كلهم كانوا داعين إلى المبدأ والمعاد وإلى الذات الواحدية الموصوفة ببعض الصفات إلا إبراهيم صلى الله عليه وسلم فإنه قطب التوحيد، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم من أتباعه باعتبار الجمع دون التفصيل، إذ لا متمم لتفاصيل الصفات إلا هو عليه صلى الله عليه وسلم وإلا لكان غيره خاتما السبيل الحق كما ختم لأن كل أحد لا يمكنه الدعوة إلا إلى المقام الذي بلغ إليه من الكمال * (وسبحان الله) * أنزهه من أن يكون غيره على سبيله، بل هو السالك سبيله والداعي إلى ذاته * (وما أنا من المشركين) * المثبتين للغير في مقام التوحيد الذاتي، المحتجبين عنه بالأنائية، بل أنا به، فإن عنى فهو الداعي إلى سبيله.
[تفسير سورة يوسف من آية 109 إلى آية 111] * (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم) * أي: من كان فيه بقية من الرجولية من أهل قرى الصفات والمقامات لا من مصر الذات، فإن البقاء الحاصل لأهل التمكين لا يكون إلا بقدر الفناء. والرجوع إلى الخلق لا يكون إلا على حسب العروج. فالفناء التام والعروج الكامل لا يكون إلا للقطب الذي هو صاحب الاستعداد الكامل الذي لا رتبة إلا قد يبلغها ويلزم أن يكون الرجوع التام الشامل لجميع تفاصيل الصفات عند البقاء له وهو الخاتم ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ' كان بنيان النبوة تم ورصف وبقي منه موضع لبنة واحدة، فكنت أنا تلك اللبنة '. وإلى هذا المعنى أشار بقوله صلى الله عليه وسلم: ' بعثت لأتمم مكارم الأخلاق '.
* (أفلم يسيروا في الأرض) * أرض استعدادهم * (فينظروا كيف كان) * نهاية أمر
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»