تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٣٥٦
ودخولهم على يوسف هو وصولهم إلى مقام الصدر حال الاستقامة. ودخولهم مصر كون الكل في حضرة الجمعية الإلهية الواحدية مع تفاضل مراتبهم في عين جمع الوحدة. ورفع أبويه على العرش عبارة عن ارتفاع مرتبتي العقل والنفس عن مراتب سائر القوى وزيادة قربهما إليه وقوة سلطنتهما عليها. وخرورهم له سجدا عبارة عن انقياد الكل وطاعتهم له بالأمر الوحداني بلا فعل حركة بأنفسهم بحيث لا يتحرك منها شعر ولا ينبض لها عرق إلا بالله. وتأويل رؤياه صورة ما تقرر في استعداده الأول من قبول هذا الكمال.
* (قد جعلها ربي حقا) * أخرجها من القوة إلى الفعل * (وقد أحسن بي) * بالبقاء بعد الفناء * (إذ أخرجني من) * سجن الخلوة التي كنت فيها محجوبا عن شهود الكثرة في عين الوحدة ومطالعة الجمال في صفات الجلال * (وجاء بكم من) * بدو خارج مصر الحضرة الإلهية * (من بعد أن نزغ) * شيطان الوهم * (بيني وبين إخوتي) * بتحريضه إياهم على إلقائي في قعر بئر الطبيعة، بانهماكهم وتهالكهم على اللذات البدنية * (إن ربي لطيف) * يلطف بأحبابه بتوفيقهم للكمال وتدبير أمورهم بحسب مشيئته الأزلية وعنايته القديمة * (إنه هو العليم) * بما في الاستعدادات * (الحكيم) * بترتيب أسباب الكمال وتوفيق المستعد للوصول إليه.
* (رب قد آتيتني من الملك) * أي: من توحيد الملك الذي هو توحيد الأفعال * (وعلمتني من تأويل الأحاديث) * أي: معاني المغيبات وما يرجع إليه صورة الغيب، وهو من باب توحيد الصفات. * (فاطر) * سماوات الصفات في مقام القلب وأرض توحيد الأفعال في مقام النفس * (أنت وليي) * بتوحيد الذات في دنيا الملك وآخرة الملكوت * (توفني مسلما) * أفنني عني في حالة كوني منقادا لأمرك لا طاغيا ببقاء الأنية * (وألحقني بالصالحين) * الثابتين في مقام الاستقامة بعد الفناء في التوحيد.
[تفسير سورة يوسف من آية 106 إلى آية 108] * (وما يؤمن أكثرهم بالله) * الإيمان العلمي * (إلا وهم مشركون) * بإثبات موجود غيره أو الإيمان العيني إلا وهم مشركون باحتجابهم بأنائيتهم * (غاشية من عذاب الله) *
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»