* (ولا يحزنك قولهم) * أي: لا تتأثر به فإنه مراء وشاهد عزة الله وقهره لتنظر إليهم بنظر الفناء وترى أعمالهم وأقوالهم وما يهددونك به كالهباء فمن شاهد قوة الله وعزته يرى كل القوة والعزة لا قوة لأحد ولا حول. * (هو السميع) * لأقوالهم فيك فيجازيهم * (العليم) * لما ينبغي أن يفعل بهم ثم بين ضعفهم وعجزهم وامتناع غلبتهم عليه بقوله: * (ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض) * كلهم تحت ملكته وتصرفه وقهره لا يقدرون على شيء بغير إذنه ومشيئته وإقداره إياهم * (وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء) * وأي شيء يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء، أي: إذا كان الكل تحت قهره وملكته فما يتبعون من دون الله ليس بشيء ولا تأثير له ولا قوة * (إن يتبعون إلا) * ما يتوهمونه في ظنهم ويتخيلونه في خيالهم وما هم إلا يقدرون وجود شيء لا وجود له في الحقيقة.
* (هو الذي جعل لكم) * ليل الجسم * (لتسكنوا فيه) * ونهار الروح لتبصروا به حقائق الأشياء وما تهتدون به إليه * (إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون) * كلام الله به، فيفهمون بواطنه وحدوده ويطلعون به على صفاته وأسمائه فيشاهدونه موصوفا ومتسما بها.
* (قالوا اتخذ الله ولدا) * أي: معلولا يجانسه * (سبحانه) * أنزهه عن مجانسة شيء * (هو الغني) * الذي وجوده بذاته وبه وجود كل شيء، فكيف يماثله شيء، ومن له الوجود كله فكيف يجانسه شيء.
* (واتل عليهم نبأ نوح) * في صحة توكله على الله ونظره إلى قومه وإلى شركائهم بعين الفناء وعدم مبالاته بهم وبمكايدهم ليعتبروا به حالك، فإن الأنبياء كلهم في ملة التوحيد والقيام بالله وعدم الالتفات إلى الخلق سواء.
* (وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم) * أي: إيمانا يقينيا * (فعليه توكلوا) * جعل التوكل من لوازم الإسلام وهو إسلام الوجه لله تعالى، ولم يجعل الإسلام من لوازم الإيمان أي: إن كمل إيمانكم ويقينكم بحيث أثر في نفوسكم وجعلها خالصة لله فانية فيه لزم التوكل عليه فإن أول مرتبة الفناء هو فناء الأفعال ثم الصفات ثم الوجود فإن تم الفناء لزم التوكل الذي هو فناء الأفعال وإن أريد الإسلام بمعنى الانقياد كان شرطا