تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢٦٢
* (هذه ناقة الله لكم آية) * الناقة لصالح عليه السلام كالعصا لموسى عليه السلام والحمار لعيسى والبراق لمحمد عليهما السلام، فإن لكل أحد من الأنبياء وغيرهم مركبا هو نفسه الحيوانية الحاملة لحقيقته التي هي النفس الإنسانية وتنتسب بالصفة الغالبة إلى ما يتصف بتلك الصفة من الحيوانات فيطلق عليه اسمه، فمن كانت نفسه مطواعة منقادة من غاية اللين حمولة قوية متذللة فمركبه ناقة ونسبتها إلى الله لكونها مأمورة بأمره مختصة به في طاعته وقربه. وما قيل: إن الماء قسم بينها وبينهم، لها شرب يوم ولهم شرب يوم، إشارة إلى أن مشربهم من القوة العاقلة العملية، ومشربها من العاقلة النظرية. وما روي أنها يوم شربها كانت تتفجح فيحلب منها اللبن حتى ملؤوا أوانيهم، إشارة إلى أن نفسه تستخرج بالفكر من علومه الكلية الفطرية العلوم النافعة للناقصين من علوم الأخلاق والشرائع والآداب. وخروجها من الجبل: ظهورها من بدن صالح عليه السلام. هذا هو التأويل مع أن الإقرار بظاهرها واجب، فإن ظهور المعجزات وخوارق العادات حق لا ننكر شيئا منها. وما يؤيد التأويل تسوية النبي عليه صلى الله عليه وسلم عاقرها بقاتل علي عليه السلام، حيث قال: ' يا علي، أتدري من أشقى الأولين؟ ' قال: الله ورسوله أعلم. قال صلى الله عليه وسلم: ' عاقر ناقة صالح '، ثم قال صلى الله عليه وسلم: ' أتدري من أشقى الآخرين؟ '، قال: الله ورسوله أعلم. قال صلى الله عليه وسلم: ' قاتلك '.
وروي أنه قال صلى الله عليه وسلم: ' من خضب هذا بهذا ' وأشار بيده إلى لحيته ورأسه.
تفسير سورة الأعراف من آية 104 إلى آية 141
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»