تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢٥١
((سورة الأعراف)) ((بسم الله الرحمن الرحيم)) [تفسير سورة الأعراف من آية 1 إلى آية 7] * (المص كتاب أنزل إليك) * إلى قوله * (ذكرى للمؤمنين) * (ا) إشارة إلى الذات الأحدية، و (ل) إلى الذات مع صفة العلم كما مر، و (م) إلى التميمة الجامعة التي هي معنى محمد، أي: نفسه وحقيقته، و (ص) إلى الصورة المحمدية التي هي جسده وظاهره.
وعن ابن عباس، أنه قال صلى الله عليه وسلم: ' جبل بمكة كان عليه عرش الرحمن حين لا ليل ولا نهار '، أشار بالجبل إلى جسد محمد، وبعرش الرحمن إلى قلبه. كما ورد في الحديث: ' قلب المؤمن عرش الله '. وجاء: ' لا يسعني أرضي ولا سمائي، ويسعني قلب عبدي المؤمن '. وقوله: ' حين لا ليل ولا نهار ' إشارة منه إلى الوحدة، لأن القلب إذا وقع في ظل أرض النفس واحتجب بظلمة صفاتها كان في الليل، وإذا طلع عليه نور شمس الروح واستضاء بضوئه كان في النهار، وإذا وصل إلى الوحدة الحقيقية بالمعرفة والشهود الذاتي واستوى عنده النور والظلمة كان وقته لا ليلا ولا نهارا، ولا يكون عرش الرحمن إلا في هذا الوقت.
فمعنى الآية: إن وجود الكل من أوله إلى آخره * (كتاب أنزل إليك) * أي: أنزل إليك علمه * (فلا يكن في صدرك حرج منه) * أي: ضيق من حمله، فلا يسعه لعظمته فيتلاشى بالفناء في الوحدة والاستغراق في عين الجمع والذهول عن التفصيل، إذ كان عليه صلى الله عليه وسلم في مقام الفناء محجوبا بالحق عن الخلق كلما رد عليه الوجود، وحجب عنه الشهود الذاتي وظهر عليه بالتفصيل، ضاق عنه وعاؤه وارتكب عليه وزر وثقل، ولهذا خوطب بقوله تعالى: * (ألم نشرح لك صدرك (1) ووضعنا عنك وزرك (2)) * [الشرح،
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»