تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢٦٥
تراني) * إشارة إلى استحالة الإثنينية وبقاء الأنية في مقام المشاهدة كقوله:
* إذا تغيبت بدا * وإن بدا غيبني * وقوله: رأيت ربي بعين ربي * (ولكن انظر إلى الجبل) * أي: جبل وجودك * (فإن استقر مكانه) * أمكنت رؤيتك إياي، وذلك من باب التعليق بالمحال * (جعله دكا) * أي:
متلاشيا لا وجود له أصلا * (وخر موسى) * عن درجة الوجود فانيا * (فلما أفاق) * بالوجود الموهوب الحقاني عند البقاء بعد الفناء * (قال سبحانك) * أن تكون مرئيا لغيرك، مدركا لأبصار الحدثان * (تبت إليك) * عن ذنب البقية * (وأنا أول المؤمنين) * بحسب الرتبة لا بحسب الزمان، أي: أنا في الصف الأول من صفوف مراتب الأرواح الذي هو مقام أهل الوحدة وذلك مقام الاصطفاء المحض. وقوله: * (إني اصطفيتك على الناس برسالاتي) * هو أول درجة الاستنباء بعد الولاية * (فخذ ما آتيتك) * بالتمكين * (وكن من الشاكرين) * بالاستقامة في القيام بحق العبودية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
' أو لا أكون عبدا شكورا '.
[تفسير سورة الأعراف من آية 145 إلى آية 146] * (في الألواح) * أي: الألواح تفاصيل وجود موسى من روحه وقلبه وعقله وفكره وخياله. وإلقاؤها عند الغضب هو الذهول عنها والتجافي عن حكم ما فيها كما يحكم أحدنا بحسن الحلم والتحمل للأذى، ثم ينسى عند سورة الغضب ولا يتذكر شيئا مما في عقله من علمه عند ظهور نفسه * (فخذها بقوة) * أي: بعزيمة لتكون من أولي العزم * (وأمر قومك يأخذوا بأحسنها) * أي: بالعزائم دون الرخص * (سأريكم دار الفاسقين) * أي: عاقبة الذين لا يأخذون بها.
* (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق) * لأن التكبر من صفات النفس، فهم في مقام النفس محجوبون عن آيات الصفات التي تكون في مقام القلب دون المتكبرين بالحق الذين اتصفوا بصفة الكبرياء في مقام المحو والفناء، فقام كبرياؤه تعالى مقام تكبرهم، كما قال جعفر الصادق عليه السلام في جواب من قال له: فيك كل فضيلة إلا أنك متكبر! فقال: ' لست بمتكبر، ولكن كبرياء الله تعالى قام مني مقام التكبر '.
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»