تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢١٥
بالحقيقة، فإن القول والفعل والصفة والوجود كلها لك * (إن كنت قلته فقد علمته) * أي: إن كان صدر مني قول فعن علمك ولا وجود لما لا تعلم وما وجد بعلمك وجد * (تعلم ما في نفسي) * لإحاطتك بالكل، فعلمي بعض علمك * (ولا أعلم ما في نفسك) * أي: ذاتك لأني لا أحيط بالكل * (ما قلت لهم) * وما أمرتهم إلا ما كلفتني قوله وألزمتني إياه * (أن اعبدوا الله ربي وربكم) * أي: ما دعوتهم إلا إلى الجمع في صورة التفصيل وهو الذي نسبة ربوبيته إلى الكل سواء فغلطوا فما رأوه إلا في بعض التفاصيل لضيق وعائهم * (وكنت عليهم شهيدا) * رقيبا حاضرا أراعيهم وأعلمهم * (ما دمت فيهم) * أي: ما بقي مني وجود بقية * (فلما توفيتني) * أفنيتني بالكلية بك * (كنت أنت الرقيب عليهم) * لفنائي فيك * (وأنت على كل شيء شهيد) * حاضر، يوجد بك، وإلا لم يكن ذلك الشيء.
* (إن تعذبهم) * بإدامة الحجاب * (فإنهم عبادك) * أحقاء بالحجب والحرمان وأنت أولى بهم تفعل بهم ما تشاء * (وإن تغفر لهم) * برفع الحجاب * (فإنك أنت العزيز) * القوي القادر على ذلك لا تزول عزتك بتقريبهم ورفع حجابهم * (الحكيم) * تفعل ما تفعله من التعذيب بالحجب والحرمان والتقريب باللطف والغفران بحكمتك البالغة * (هذا يوم) * نفع صدقك إياك، وصدق كل صادق لكونه خميرة الكمالات وخاصية الملكوت * (لهم جنات) * الصفات بدليل ثمرة الرضوان فإن الرضا لا يكون إلا بفناء الإرادة ولا تفنى إرادتهم إلا إذا غلبت إرادة الله عليهم فأفنتها، ولهذا قدم رضوان الله عنهم على رضوانهم عنه، أي: لما أرادهم الله تعالى في الأزل بمظهرية إرادته ومحل رضوانه ورضي بهم محلا وأهلا لذلك سلب عنهم إرادتهم بأن جعل إرادته مكانها وأبدلهم بها فرضي عنهم وأرضاهم * (ذلك الفوز العظيم) * أي: الفلاح العظيم الشأن ولو كان فناء الذات لكان الفوز الأكبر والفلاح الأعظم. له ما في العالم العلوي والسفلي باطنه وظاهره * (وما فيهن) * أسماؤه وصفاته وأفعاله * (وهو على كل شيء قدير) * إن شاء أفنى بظهور ذاته، وإن شاء أوجد بتستره بأسمائه وصفاته.
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»