* (قال لأقتلنك) * أي: لما زاد قرب العقل من الله وبعده عن رتبة الوهم في مدركاته وتصرفاته كان الوهم أحرص على إبطال عمله ومنعه عن فعله كما ترى في التشكيكات الوهمية ومعارضاته العقل في تحصيل المطالب النظرية العميقة الغور وقتله عبارة عن منعه عن فعله وقطع مدد الروح ونور الهداية الذي به حياة العقل عنه * (من المتقين) * الذين يتخذون الله وقاية في صدور الخيرات منهم أو يحذرون آثام الهيئات المظلمة البدنية والأكاذيب الباطلة والأضاليل المغوية الأهواء المردية والتسويلات المهلكة.
تفسير سورة المائدة من آية 28 إلى آية 31] * (ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك) * لأني لا أبطل أعمالك التي هي شديدة في مواضعها من المحسوسات ولا أقطع عنك حياتك التي هي مدد النفس والهوى ولا أمنعك عن فعلك الخاص بك إذ العقل يعلم أن المصالح الجزئية وأحكام المحسوسات والمعاني الجزئية المعلقة بها وترتيب أسباب المعاش كلها لا تحصل ولا تتيسر إلا بالوهم ولولا الرجاء وحصول الأماني والآمال الصادرة عن الوهم لم يتيسر لأحد ما يتمعش به * (إني أخاف الله رب العالمين) * لأني أعرفه، وقال: * (إنما يخشى الله من عباده العلماء) * [فاطر، الآية: 28] واعلم بأنه إنما خلقك لشأن وأوجدك لحكمة، فلا أتعرض له في ذلك * (إني أريد أن تبوء) * بإثم قتلي وإثم قتلك من الآراء الباطلة والتصورات الفاسدة التي لم يتقبل قربانك لأجلها * (فتكون من أصحاب) * نار الحجبة والحرمان * (وذلك جزاء الظالمين) * الواضعين الأشياء في غير موضعها كوضعك الأحكام الحسية في المعقولات.
* (فطوعت) * فسهلت وسولت * (له نفسه قتل أخيه فقتله) * بمنعه عن أفعاله الخاصة وحجبه عن نور الهداية * (فأصبح من الخاسرين) * لتضرره باستيلائه على العقل واستبدال ضلالته وخطئه بهداية العقل وصوابه، فإن الوهم إذا انقطع عن معاضدة العقل حمل النفس بأنواع التسويلات والتزيينات على إقدام أمور يتضرر به النفس والبدن جميعا، كالإسرافات المذمومة من باب اللذات البهيمية، والسبعية مثل شدة الحرص في طلب المال والجاه والإفراط فيضعف الوهم أيضا أو يبطل * (فبعث الله) *