الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة ٢٦
معتبرا فيه، على قياس ما قلتم في انحصار التقليد في الحي.
وكذا الحال بالنسبة إلى غير العدالة من الأمور التي يحتاج إليها شرعا، حتى أنه يلزم مما ذكرتم عدم الحاجة إلى وجود الإمام والحجة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)، بل صح ما ذكره الثاني بقوله: (حسبنا كتاب الله) (1)، وما ذكره العامة بقولهم:
(حسبنا الروايات والاجتهادات) (2)، وأين هذا من قولكم: حسبنا الاجتهادات المكتوبة وكتب الأموات؟! فإنه أردأ مما قالوا، بل يلزم مما ذكرتم عدم الحاجة إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) أيضا.
وبالجملة، ما ذكرتم بعينه هي الشبهة التي يوردها العامة علينا بسبب قولنا بأنه لا بد في كل عصر من وجود حجة على الناس (3)، كما لا يخفى على من تأمل وأمعن نظره.
وأيضا، حال فروع الدين ليس بأشد من حال أصول الدين، فما تقولون في حال الأقطار والأمكنة التي ليس فيها من يعلم أصول الدين، مثل البوادي والقرى والجبال والأمصار الواقعة في بلاد الكفر أو الضلالة، فإن غالب الناس من الأعراب والأتراك والأكراد والألوار وأهل القرى والدساكر، وكذا أهل السند والهند والروم، وغيرهم من سكنة بلاد الإسلام، ليس عندهم من يعلمهم أصول الدين، فضلا عن بلاد الكفر والضلالة؟
ومنهم من فهم من يعلم لكن لا يعلم أيضا إما خوفا أو تملقا أو مظنة أنهم لا يسمعون قوله، أو لعدم مبالاتهم بالدين.

(١) لاحظ! صحيح البخاري: ٥ / 138 و 8 / 161.
(2) أنظر: عدة الأصول - المطبوع الحجري -: 2 / 293، جامع بيان العلم وفضله: 358 باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص.
(3) لاحظ! شرح المقاصد للتفتازاني: 5 / 241.
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 29 31 32 33 ... » »»
الفهرست