مجتهد (1) سيما الحي منه، والفقهاء لا يجوزون تقليد الميت، مع أنهم كثيرا ما لا يكونون مقصرين في تحصيل الاجتهاد والمجتهد، وعلى تقدير أن يكونوا مقصرين كيف لا يأتون بعبادة أصلا مع أنها فاسدة؟!
قلت: هذا مشترك الورود، إذ كثيرا ما لا يحصل ما اعتبرتم من الظن أصلا، وكثيرا ما يحصل لكن تكون عبادتهم غير مطابقة للواقع، بل هو الأكثر في العوام.
وعلى تقدير اتفاق تحقق المطابقة من حيث لا يشعرون ولا يعلمون، فمسلم عندكم أنهم عاصون في ترك العلم والمعرفة، من حيث إنه فريضة عينية على كل مؤمن ومؤمنة، وأن من بلغه التكاليف بلغه أيضا وجوب معرفتها على حسب ما مر، فلو أراد المكلف أن لا يعصي في تحصيل المعرفة ويفعل العبادة بطريق المعرفة كيف كان يصنع؟!
وبالجملة، مجرد اتفاق المطابقة في بعض الأفراد لا أثر له فيما ذكرت، بل أثره تخفيف العذاب، أو أنه إذا تاب وندم على (2) عدم تحصيل المعرفة ويكون عنده مجتهد موجود يحكم بالصحة، لا يكون عليه قضاء، وغير خفي أن المطابقة للواقع غير معلومة قطعا، بل المعلوم المطابقة لظن المجتهد.
ومعلوم أيضا، أن المسائل الفقهية قلما تكون وفاقية عند الفقهاء، فلو كانت مطابقة لظن مجتهد تكون مخالفة لظن مجتهد آخر، فلا يتأتى ذلك إلا أن يكون مجتهد موجود اختار العامي تقليده، واتفق مطابقتها لظن ذلك الموجود، ومع ذلك يكون الموجود يحكم بصحتها بمجرد اتفاق مطابقتها لمظنونه في الآن،