وكان نبينا صلى الله عليه وسلم مصدقا لموسى عليه السلام وحكم عليهم بالرجم عملا بما في شريعة موسى صلى الله عليه وسلم فهلا احتجوا عليه بذلك ولو احتجوا لشاع نقل ذلك فدل على أنه قول ابتدع بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
فصل وأما قول من قال: إن عيسى ومحمدا عليهما السلام كانا نبيين لكنهما لم يبعثا إلى بني إسرائيل فتغفيل من قائله لأنه إذا أقر بنبوة نبي فقد أقر بصدقه لأن النبي لا يكذب وقد كان عيسى عليه السلام يخاطب بني إسرائيل ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: (بعثت إلى الناس كافة) ويكاتب ملوك الأعاجم.
فصل فأما الفرق بين النسخ والبداء فذلك من وجهين:
الأول: أن النسخ تغيير عبادة أمر بها المكلف وقد علم الآمر حين الأمر أن لتكليف المكلف بها غاية ينتهي الإيجاب إليها ثم يرتفع بنسخها. والبداء أن ينتقل الأمر عن ما أمر به وأراده دائما بأمر حادث لا بعلم سابق.
والثاني: أن سبب النسخ لا يوجب إفساد الموجب لصحة الخطاب الأول والبداء يكون سببه دالا على إفساد الموجب لصحة الأمر الأول مثل أن يأمره بعمل يقصد به مطلوبا فيتبين أن المطلوب لا يحصل بذلك الفعل فيبدو له ما يوجب الرجوع عنه وكلا الأمرين يدل على قصور في العلم والحق عز وجل منزه عن ذلك.