المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤٩٢
وقوله تعالى * (فأنذرتكم) * إما مخاطبة منه وإما على معنى قل لهم يا محمد وقرا جمهور السبعة (تلظى) بتخفيف التاء وقرا البزي عن ابن كثير بشد التاء وإدغام الراء فيها وقرأها كذلك عبيد بن عمير وروي أيضا عنه (تتلظى) بتاءين وكذلك قرا ابن الزبير وطلحة وقوله تعالى * (لا يصلاها إلا الأشقى) * أي * (لا يصلاها) * صلي خلود ومن هنا ضلت المرجئة لأنها اخذت نفي الصلي مطلقا في قليله وكثيره و * (الأشقى) * هنا للكافر بدليل قوله الذي كذب والعرب تجعل أفعل في موضع فاعل مبالغة كما قال طرفة (تمنى رجال ان أموت وإن أمت * فتلك سبيل لست فيها باوحد) الطويل ولم يختلف أهل التأويل ان المراد ب * (الأتقى) * إلى آخر السورة أبو بكر الصديق ثم هي تتناول كل من دخل في هذه الصفات وقوله تعالى * (يتزكى) * معناه يتطهر ويتنمى وظاهر هذه الآية انه في المندوبات وقوله تعالى * (وما لأحد عنده) * الآية المعنى وليس إعطاؤه ليجزي نعما قد أزلت اليه بل هو مبتدىء ابتغاء وجه الله تعالى وروي في سبب هذا ان قريشا قالوا لما اعتق أبو بكر بلالا كانت لبلال عنده يد وذهب الطبري إلى أن المعنى وليس يعطي ليبث نعما يجزى بها يوما ما وينتظر ثوابها وحوم في هذا المعنى وحلق بتطويل غير مغن ويتجه المعنى الذي أراد بأيسر من قوله وذلك أن التقدير * (وما لأحد عنده) * اعطاء ليقع عليه من ذلك لأحد جزاء بل هو لمجرد ثواب الله تعالى وجزائه وقوله تعالى * (إلا ابتغاء) * نصب بالاستثناء المنقطع وفيه نظر والابتغاء الطلب ثم وعده تعالى بالرضى في الآخرة وهذه عدة لأبي بكر رضي الله عنه وقرا (يرضى) بضم الياء على بناء الفعل للمفعول وهذه الآية تشبه الرضى في قوله تعالى * (ارجعي إلى ربك راضية مرضية) * الفجر 31 الآية انتهى
(٤٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 ... » »»