المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٥٠٣
إن لم ينته بان يؤخذ بناصيته فيجر إلى جهنم ذليلا تقول العرب سفعت بيدي ناصية الفرس والرجل إذا جذبتها مذللا له قال عمرو بن معد يكرب (قوم إذا سمعوا الصياح رأيتهم * ما بين ملجم مهره أو سافع) الكامل فالآية على نحو قوله * (فيؤخذ بالنواصي والأقدام) * الرحمن 41 وقال بعض العلماء بالتفسير * (لنسفعا) * معناه لنحرقن من قولهم سفعته النار إذا أحرقته واكتفى بذكر الناصية لدلالتها على الوجه وجاء * (لنسفعا) * في خط المصحف بألف بدل النون وقرا أبو عمرو في رواية هارون (لنسفعن) مثقلة النون وفي مصحف ابن مسعود (لأسفعن بالناصية ناصية كاذبة فاجرة) وقرا أبو حيوة (ناصية كاذبة خاطئة) بالنصب في الثلاثة وروي عن الكسائي انه قرا بالرفع فيها كلها والناصية مقدم شعر الرأس ثم أبدل النكرة من المعرفة في قوله * (ناصية كاذبة) * ووصفها بالكذب والخطأ من حيث صفة لصاحبها كما تقول يد سارقة وقوله * (فليدع ناديه) * إشارة إلى قول أبي جهل وما بالوادي أكثر ناديا مني والنادي والندى المجلس ومنه دار الندوة ومنه قول زهير (وفيهم مقامات حسان وجوههم * وأندية ينتابها القول والفعل) الكامل ومنه قول الأعرابية سيد ناديه وثمال عافية و * (الزبانية) * ملائكة العذاب واحدهم زبنية وقال الكسائي زبني وقال عيسى بن عمر والأخفش زابن وهم الذين يدفعون الناس في النار والزبن الدفع ومنه حرب زبون أي تدفع الناس عن نفسها ومنه قول الشاعر (ومستعجب مما يرى من أناتنا * ولو زبنته الحرب لم يترمرم) الطويل ومنه قول عتبة بن أبي سفيان وقد زبنتنا الحرب وزبناها فنحن بنوها وهي امنا ومنه قول الشاعر (عدتني عن زيارتك الأعادي * وحالت بيننا حرب زبون) الوافر وحذف الواو من * (سندع) * في خط المصحف اختصارا وتخفيفا والمعنى * (سندع الزبانية) * لعذاب هذا الذي يدعو ناديه وقرا ابن مسعود (فليدع إلى ناديه) ثم قال تعالى لمحمد عليه السلام * (كلا) * ردا على قول هذا الكافر وأفعاله * (لا تطعه) * أي لا تلتفت إلى نهيه وكلامه واسجد لربك واقترب اليه بسجودك وبالطاعة والأعمال الصالحة وفي الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (أقرب ما يكون العبد من ربه إذا سجد فأكثروا من الدعاء في السجود فقمين ان يستجاب لكم) وقال مجاهد ثم قال ألم تسمعوا * (واسجد واقترب) * وروي ابن وهب عن جماعة من أهل العلم ان قوله تعالى * (واسجد) * خطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم وان * (اقترب) * خطاب لأبي جهل أي إن كنت تجترىء حتى ترى كيف تهلك وهذه السورة فيها سجدة عند جماعة من أهل العلم منهم في مذهب مالك ابن وهب
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»