المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤٠٧
وقول الآخر أبي خيراش الهذلي (إن تغفر اللهم تغفر جما * وأي عبد لك لا ألما) الرجز * (فلا) * في الآية عاطفة و * (صدق) * معناه برسالة الله ودينه وذهب قوم إلى أنه من الصدقة والأول أصوب و * (يتمطى) * معناه يمشي المطيطى وهي مشية بتبختر قال زيد بن أسلم كانت مشية بني مخزوم وهي مأخوذة من المطا وهو الظهر لأنه يثنى فيها وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا مشت أمتي المطيطى وخدمتهم الروم وفارس سلط بعضهم على بعض) وقال مجاهد نزلت هذه الآية في أبي جهل وقوله تعالى * (أولى لك) * وعيد ثان ثم كرر ذلك تأكيدا والمعنى * (أولى لك) * الازدجار والانتهاء وهو مأخوذ من ولى والعرب تستعمل هذه الكلمة زجرا ومنه قوله تعالى * (فأولى لهم طاعة) * محمد 20 وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبب أبا جهل يوما في البطحاء وقال له (إن الله يقول لك * (أولى لك فأولى) *) فنزل القرآن على نحوها وفي شعر الخنساء (سئمت بنفسي كل الهموم * فأولى لنفسي أولى لها) المتقارب وقوله تعالى * (أيحسب) * توقيف وتوبيخ و * (سدي) * معناه مهملا لا يؤمر ولا ينهى ثم قرر تعالى على أحوال ابن آدم في بدايته التي إذا تؤملت لم ينكر معها جواز البعث من القبور عاقل وقرا الجمهور (ألم يك) بالياء من تحت وقرا الحسن (ألم تك) بالتاء من فوق و (النطفة) القطعة من الماء يقال ذلك للقليل والكثير و (المنى) معروف وقرا ابن عامر وحفص عن عاصم وأبو عمرو بخلاف وابن محيصن والجحدري وسلام ويعقوب (يمنى) بالياء يراد بذلك المني ويحتمل ان يكون يمني من قولك امنى الرجل ويحتمل ان يكون من قولك منى الله الخلق فكأنه قال من مني تخلق وقرا جمهور السبعة والناس (تمنى) بالتاء يراد بذلك النطفة و (تمنى) يحتمل الوجهين اللذين ذكرت و (العلقة) القطعة من الدم لأن الدم هو العلق وقوله تعالى * (فخلق فسوى) * معناه فخلق الله منه بشرا مركبا من أشياء مختلفة فسواه شخصا مستقلا وفي مصحف ابن مسعود (يخلق) بالياء فعلا مستقبلا و * (الزوجين) * النوعين ويحتمل ان يريد المزدوجين من البشر ثم وقف تعالى توقيف التوبيخ وإقامة الحجة بقوله * (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) * وقرا الجمهور بفتح الياء الأخيرة من (يحيي) وقرا طلحة بن مصرف وسليمان والفياض بن غزوان بسكونها وهي تنحذف من اللفظ لسكون اللام من * (الموتى) * ويروي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية قال (سبحانك اللهم وبحمدك وبلى) ويروى انه كان يقول (بلى) فقط نجز تفسير سورة * (القيامة) * والحمد لله رب العالمين
(٤٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 ... » »»