المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤٠٩
واعدال وقيل مشيج مثل شريف وأشراف واختلف في المقصود من الخلط فقيل هو * (أمشاج) * ماء الرجل بماء المرأة وأسند الطبري حديثا وهو أيضا في بعض المصنفات (إن عظام ابن آدم وعصبة من ماء الرجل ولحمه وشحمه من ماء المرأة) وقيل هو اختلاط امر الجنين بالنقلة من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى غير ذلك فهو امر مختلط وقيل هو اختلاط الدم والبلغم والصفراء والسوداء فيه و * (نبتليه) * معناه نختبره بالإيجاد والكون في الدنيا هو حال من الضمير في * (خلقنا) * كأنه قال مختبرين له بذلك وقوله تعالى * (فجعلناه) * عطف جملة تعم على جملة تعم وقال بعض النحويين إنما المعنى فنبتليه جعلناه * (سميعا بصيرا) * ثم ترتب اللفظ موجزا متداخلا كأنه قال * (نبتليه) * فلذلك جعلناه والابتلاء على هذا إنما هو بالإسماع والإبصار لا بالإيجاب وليس * (نبتليه) * حالا وقوله تعالى * (إنا هديناه السبيل) * يحتمل ان يريد * (السبيل) * العامة للمؤمن والكافر فذلك يختلق الحواس وموهبة الفطرة ونصب الصنعة الدالة على الصانع ف * (هديناه) * على هذا بمعنى أرشدناه كما يرشد الإنسان إلى الطريق ويوقف عليه ويحتمل ان يريد * (السبيل) * اسم الجنس أي هدى المؤمن لإيمانه والكافر لكفره ف * (هديناه) * على هذا معناه أريناه وليس الهدى في هذه الآية بمعنى خلق الهدى والإيمان وقوله تعالى * (إما شاكرا وإما كفورا) * حالان وقسمتهما * (أما) * قاله أبو عمرو الداني وقرا أبو العاج (إما شاكرا وإما كفورا) وأبو العاج كثير بن عبد الله السلمي شامي ولي البصرة لهشام بن عبد الملك و * (اعتدنا) * معناه أعددناه وقرا نافع والكسائي وأبو بكر عن عاصم (سلاسلا) بالصرف وهذا على ما حكاه الأخفش من لغة من يصرف كل مالا يصرف الا أفعل وهي لغة الشعراء ثم كثر حتى جرى في كلامهم وقد علل بعبة وهي انه لما كان هذا الضرب من الجموع يجمع لشبه الآحاد فصرف وذلك من شبه الآحاد موجود في قولهم صواحب وصاحبات وفي قول الشاعر الفرزدق (نواكسي الأبصار *) الكامل بالياء جمع نواكس وهذا الإجراء في (سلاسلا وقواريرا) أثبت في مصحف ابن مسعود ومصحف أبي بن كعب ومصحف المدينة ومكة والكوفة والبصرة وقرا ابن كثير وأبو عمرو وحمزة (سلاسل) على ترك الصرف في الوقف والوصل وهي قراءة طلحة وعمرو بن عبيد وقرا أبو عمرو وحمزة فيما روي عنهما (سلاسل) في الوصل و (سلاسلا) دون تنوين في الوقف ورواه هشام عن ابن عامر لأن العرب من يقول رأيت عمرا يقف بألف وأيضا فالوقوف بالألف (سلاسلا) اتباع لخط المصحف و * (الأبرار) * جمع بار كشاهد وأشهاد وقال الحسن هم الذين لا يؤذون الذر ولا يرضون الشر و (الكأس) ما فيه نبيذ ونحوه مما يشرب به قال ابن كيسان ولا يقال الكأس إلا لما فيه نبيذ ونحوه ولا يقال ظعينة الا إذا كان عليها امرأة ولا مائدة الا وعليها طعام والا فهي خوان والمزاج ما يمزج به الخمر ونحوها وهي أيضا مزاج له لأنهما تمازجا مزاجا قال بعض الناس (المزاج) نفس الكافور وقال قتادة نعم قوم يمزج لهم بالكافور ويختم لهم بالمسك وقال الفراء يقال إنه في الجنة عين تسمى * (كافورا) * وقال بعض المتأولين إنما أراد * (كافورا) * في النكهة والعرف كما تقول إذا مزجت طعاما هذا الطعام مسك وقوله تعالى * (عينا) * هو بدل من قوله * (كافورا) * وقيل هو مفعول بقوله * (يشربون) * أي * (يشربون) * ماء هذه العين من كأس
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»