المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤٠٤
* (بما قدم) * من المعاصي * (وأخر) * من الطاعات وقال زيد بن أسلم * (بما قدم) * لنفسه من ماله وبما اخر منه للوارث وقوله تعالى * (بل الإنسان) * إضراب بمعنى الترك لا على معنى إبطال القول الأول و * (بصيرة) * يحتمل ان يكون خبرا عن الإنسان ولحقته هاء التأنيث كما لحقت علامة ونسابة والمعنى فيه وفي عقله وفطرته وطليعة وشاهد مبصر على نفسه والهاء للتانيث ويراد ب (البصيرة) جوارحه أو الملائكة الحفظة وهذا تأويل ابن عباس و (المعاذير) هنا قال الجمهور هي الأعذار جمع معذرة وقال السدي والضحاك هي الستور بلغة اليمن يقولون للستر المعذار وقال الحسن المعنى * (بل الإنسان على نفسه) * بلية ومحنة كأنه ذهب إلى البصيرة التي هي طريقة الدم وداعية طلب الثأر وفي هذا نظر قوله عز وجل سورة القيامة 16 - 30 الضمير في " به " عائد على كتاب الله تعالى ولم يجر له ذكر ولكن القرائن تبينه فهو كقوله تعالى * (توارت بالحجاب) * ص 32 وكقوله تعالى * (كلا إذا بلغت التراقي) * يعني النفس واختلف المتأولون في السبب الموجب ان يؤمر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر فقال الشعبي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرصه على أداء الرسالة والاجتهاد في ذات الله تعالى ربما أراد النطق ببعض ما أوحي اليه قبل كمال إيراد الوحي فأمر ان لا يعجل بالقرآن من قبل ان يفضي اليه وحيه وجاءت هذه الآية في هذا المعنى وقال الضحاك كان سببها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخاف ان ينسى القرآن فكان يدرسه حتى غلب ذلك عليه وشق فنزلت الآية في ذلك وقال كثير من المفسرين وهو في صحيح البخاري عن ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة وكان مما يحرك شفتيه مخافة ان يذهب عنه ما يوحى إليه فنزلت الآية بسبب ذلك واعلمه الله تعالى انه يجمعه له في صدره * (وقرآنه) * يحتمل ان يريد به وقراءته أي تقرأه أنت يا محمد والقرآن مصدر كالقراءة ومنه قول الشاعر حسان بن ثابت في عثمان رضي الله عنه وأرضاه (ضحوا بأشمط عنوان السجود به * يقطع الليل تسبيحا وقرآنا) البسيط ويحتمل ان يريد * (إن علينا جمعه) * وتأليفه في صدر صدرك فهو مصدر من قولك قرأت أي جمعت ومنه قولهم في المراة التي لم تلد ما قرأت سلا قط ومنه قول الشاعر عمرو بن كلثوم (ذراعي عيطل أدماء بكر * هجان اللون لم تقرأ جنينا) الوافر وقوله تعالى * (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) * أي قراءة الملك الرسول عنا وقوله تعالى * (فاتبع) * يحتمل
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»