المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤١٨
الجبال) هو بعد التسيير وقيل كونها هباء وهو تفريقها بالريح وقرا جمهور القراء (أقتت) بالهمز وشد القاف وقرا بتخفيف القاف مع الهمزة عيسى وخالد وقرا أبو عمرو وحده (وقتت) بالواو وأبو الأشهب وعيس وعمرو بن عبيد قال عيسى هي لغة سفلى مضر وقرا أبو جعفر بواو واحدة خفيفة القاف وهي قراءة ابن مسعود والحسن وقرا الحسن بن أبي الحسن (ووقت) بواوين على وزن فوعلت والمعنى جعل لها وقت منتظر فجاء وحان والواو في هذا كله الأصل والهمزة بدل وقوله تعالى * (لأي يوم أجلت) * تعجيب على عظم ذلك اليوم وهوله ثم فسر تعالى ذلك الذي عجب منه بقوله * (ليوم الفصل) * يعني بين الخلق في منازعتهم وحسابهم ومنازلهم من جنة أو نار وفي هذه الآية انتزع القضاة الآجال في الأحكام ليقع فصل القضاء عند تمامها ثم عظم تعالى يوم الفصل بقوله * (وما أدراك ما يوم الفصل) * على نحو قوله تعالى * (وما أدراك ما الحاقة) * الحاقة 2 وغير ذلك ثم أثبت الويل * (للمكذبين) * في ذلك اليوم والمعنى * (للمكذبين) * به في الدنيا وبسائر فصول الشرع و (الويل) هو الحرب والحزن على نوائب تحدث بالمرء ويروى عن النعمان بن بشير وعمار بن ياسر ان واديا في جهنم اسمه (ويل) قوله عز وجل سورة المرسلات 16 - 28 قرا جمهور القراء (ثم نتبعهم) بضم العين على استئناف الخبر وقرا أبو عمرو فيما روي عنه (ثم نتبعهم) بجزم العين عطفا على * (نهلك) * وهي قراءة الأعرج وبحسب هاتين القراءتين يجيء التأويل في * (الأولين) * فمن قرا الأولى جعل * (الأولين) * الأمم التي قدمت قريشا بأجمعها ثم أخبر أنه يتبع * (الآخرين) * من قريش وغيرهم سنن أولئك إذا كفروا وسلكوا سبيلهم ومن قرا الثانية جعل * (الأولين) * قوم نوح وإبراهيم ومن كان معهم و * (الآخرين) * قوم فرعون وكل من تأخر وقرب من مدة محمد صلى الله عليه وسلم وفي حرف عبد الله (وسنتبعهم) ثم قال * (كذلك نفعل بالمجرمين) * اي في المستقبل فندخل هنا قريش وغيرها من الكفار واما تكرار * (ويل يومئذ للمكذبين) * في هذه السورة فقيل إن ذلك لمعنى التأكيد فقط وقيل بل في كل آية منها ما يقتضي التصديق فجاء الوعد على التكذيب بذلك الذي في الآية ثم وقف تعالى على أصل الخلقة الذي يقتضي النظر فيها تجويز البعث و (الماء المهين) معناه الضعيف وهو المني من الرجل والمراة و (القرار المكين) الرحم أو بطن المراة و (القدر المعلوم) وقت الولادة ومعلوم عند الله في شخص فأما عند الآدميين فيختلف فليس بمعلوم قدر شخص بعينه وقرا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونافع والكسائي (فقدرنا) بشد الدال وقرا الباقون (فقدرنا) بتخفيف الدال وهما بمعنى من القدرة والقدر من التقدير والتوقيف وقوله * (القادرون) * يرجح قراءة الجماعة اما ان ابن
(٤١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 ... » »»