المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤١٢
(ودان) مفرد مرفوع في الاعراب ودنو الظلال بتوسط أنعم لها لأن الشيء المظل إذا بعد فترة ظله لا سيما من الأشجار والتذليل ان تطيب الثمرة فتتدلى وتنعكس نحو الأرض و (التذليل) في الجنة هو بحسب إرادة ساكنيها قال قتادة ومجاهد وسفيان إن كان الإنسان قائما تناول الثمر دون كلفة وإن كان قاعدا فكذلك وان كان مضطجعا فكذلك فهذا تذليلها لا يرد اليد عنها بعد ولا شوك ومن اللفظة قول امرئ القيس (كأنبوب السقي المذلل *) الطويل ومنه قول الأنصاري والنخل قد ذللت فهي مطوقة بثمرها و " القطوف " جمع قطف وهو العنقود من النخل والعنب ونحوه و * (انيه) * جمع إناء و " الكوب " ما لا عروة له ولا أذن من الأواني وهي معروفة الشكل في تلك البلاد وهو الذي تقول له العامة القب لكنها تسمي بذلك ما له عروة وذلك خطأ أيضا وقال قتادة الكوب القدح والقوارير الزجاج واختلف القراء فقرا نافع والكسائي وأبو بكر عن عاصم (قواريرا قواريرا) بالإجراء فيهما على ما قد تقدم في قوله سلاسلا وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي قوارير قوارير بترك الإجراء فيهما وقرا ابن كثير (قواريرا) بالإجراء في الأول (قوارير) بترك الإجراء في الثاني وقرأ أبو عمرو (قواريرا) ووقف بألف دون تنوين (قوارير) بترك الإجراء في الثاني وقوله تعالى * (من فضة) * يقتضي انها من زجاج ومن فضة وذلك متمكن لكونه من زجاج في شفوفه و * (من فضة) * في جوهره وكذلك فضة الجنة شفافة وقال أبو علي جعلها * (من فضة) * لصفائها وملازمتها لتلك الصفة وليست من فضة في حقيقة امرها وإنما هذا كما قال الشعر البعيث (ألا أصبحت أسماء جاذمة الوصل * وضنت عليها والضنين من البخل) الطويل وقوله تعالى * (قدروها) * يحتمل ان يكون الضمير للملائكة ويحتمل ان يكون للطائفين ويحتمل ان يكون للمنعمين والتقدير اما ان يكون على قدر الأكف قاله الربيع أو على قدر الري قاله مجاهد وهذا كله على قراءة من قرا (قدروها) بتخفيف القاف وقرا ابن أبزى وعلى والجحدري وابن عباس والشعبي وقتادة (قدروها) بضم القاف وكسر الدال قال أبو علي كان اللفظ قدروا عليها وفي المعنى قلب لأن حقيقة المعنى ان يقال قدرت عليهم فهي مثل قوله * (ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة) * القصص 76 ومثل قول العرب إذا طلعت الجوزاء ألفي العود على الحرباء حكاه أبو علي وكون الزنجبيل مزاجها هو على ما ذكرناه في العرف ولذع اللسان وذلك من لذات المشروب و (الزنجبيل) طيب حار وقال الشاعر الأعشى (كأن جنيا من الزنجبيل * بات بفيها وأريا مشورا) الرجز وقال المسيب بن علس (وكأن طعم الزنجبيل به * إذ ذقته وسلافة الخمر) الكامل وقال قتادة (الزنجبيل) اسم لعين في الجنة يشرب منها المقربون صرفا وتمزج لسائر أهل
(٤١٢)
مفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»