المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٣٩٦
(لاحة الصيف والغيار وإشفاق * على سقبة كقوس الضال) الخفيف وأنشد أبو عبيدة (يا بنت عمي لاحني الهواجر *) الرجز وقال الحسن وابن كيسان * (لواحة) * بناء مبالغة من لاح يلوح إذا ظهر والمعنى انها تظهر للناس وهم البشر من مسيرة خمسمائة عام وذلك لعظمها وهولها وزفيرها وقرأ عطية العوفي (لواحة) بالنصب وقوله تعالى * (عليها تسعة عشر) * ابتداء وخبره مقدم في المجرور ولا خلاف بين العلماء انهم خزنة جهنم المحيطون بأمرها الذين إليهم جماع أمر زبانيتها وقد قال بعض الناس إنهم على عدد حروف بسم الله الرحمن الرحيم لأن بها تقووا وروي ان قريشا لما سمعت هذا كثر إلغاطهم فيه وقالوا لو كان هذا حقا فإن هذا العدد قليل فقال أبو جهل هؤلاء تسعة عشر وأنتم الدهم أفيعجز عشرة منا عن رجل منهم وقال أبو الأشدي الجمحي أنا أجهضهم على النار إلى غير هذا من أقوالهم السخيفة فنزلت في أبي جهل * (أولى لك فأولى) * القيامة 34 - 35 الآية وقرا أبو جعفر بن القعقاع وطلحة بن شبل (تسعة عشر) بسكون العين وذلك لتوالي الحركات وقرأ انس بن مالك وأبو حيوة (تسعة عشر) برفع التاء وروي عن انس بن مالك أنه قرأ (تسعة أعشر) وضعفها أبو حاتم وقوله تعالى * (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة) * تبيين لفساد أقوال قريش أي إن جعلناهم خلقا لا قبل لأحد من الناس بهم وجعلنا عدتهم هذا القدر فتنة للكفار ليقع منهم من التعاطي والطمع في المبالغة ما وقع و * (ليستيقن) * أهل الكتاب التوراة والإنجيل أن هذا القرآن من عند الله إذ هم يجدوه هذه العدة في كتبهم المنزلة التي لم يقرأها محمد صلى الله عليه وسلم ولا هو من أهلها ولكن كتابه يصدق ما بين يديه من كتب الأنبياء إذ جميع ذلك حق يتعاضد منزل من عند الله قال هذا المعنى ابن عباس ومجاهد وغيرهم وبورود الحقائق من عند الله عز وجل يزداد كل ذي إيمان إيمانا ويزول الريب عن المصدقين من أهل الكتاب ومن المؤمنين وقوله تعالى * (وليقول الذين في قلوبهم مرض) * الآية نوع من الفتنة لهذا الصنف المنافق أو الكافر أي جاروا وضلوا ولم يهتدوا لقصد الحق فجعلوا يستفهم بعضهم بعضا عن مراد الله تعالى بهذا المثل استبعادا ان يكون هذا من عند الله قال الحسين بن الفضل السورة مكية ولم يكن بمكة نفاق فإنما المرض في هذه الآية الاضطراب وضعف الايمان قوله عز وجل سورة المدثر 31 - 42 قوله تعالى * (كذلك يضل الله من يشاء) * أي بهذه الصفة وهذا الرين على القلوب يضل ثم أخبر
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»