المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٨٢
قوله عز وجل سورة المجادلة 22 نفت هذه الآية ان يوجد من يؤمن بالله تعالى حق الايمان ويلتزم شعبه على الكمال يواد كافرا أو منافقا ومعنى يواد يكون بينهما من اللطف بحيث يود كل واحد منهما صاحبه وعلى هذا التأويل قال بعض الصحابة اللهم لا تجعل لمشرك قبلي يدا فتكون سببا للمودة فإنك تقول وتلا هذه الآية وتحتمل الآية ان يريد بها لا يوجد من يؤمن بالله والبعث يواد * (من حاد الله) * من حيث هو محاد لأنه حينئذ يود المحادة وذلك يوجب ان لا يكون مؤمنا ويروى ان هذه الآية نزلت في شان حاطب بن أبي بلتعة ومخاطبته أهل مكة وظاهر هذه الآيات انها متصلة المعنى وان هذا في معنى الذم للمنافقين الموالين لليهود وإذا قلنا إنها في امر حاطب جاء ذلك أجنبيا في امر المنافقين وإن كان شبيها به والإخوان هنا إخوة النسب كما عرف الإخوة انه في النسب وقد يكون مستعملا في إيخاء الود و * (كتب في قلوبهم الإيمان) * معناه أثبته وخلقه بالايجاد وذهب أبو علي الفارسي وغيره من المعتزلة إلى أن المعنى جعل في قلوبهم علامات تعرف الملائكة بها انهم مؤمنون وذلك لأنهم يرون العبد يخلق إيمانه وقد صرح النقاش بهذا المذهب وما أراه إلا قاله غير محصل لما قال وأما أبو علي فعن بصيرته وقرأ جمهور القراء (كتب) على بناء الفعل للفاعل (والإيمان) بالنصب وقرا أبو حيوة وعاصم في رواية المفضل عنه (كتب) على بناء الفعل للمفعول (والإيمان) بالرفع وقوله * (أولئك) * إشارة إلى المؤمنين الذين يقتضيهم معنى الآية لأن المعنى لكنك تجدهم لا يوادون من حاد الله وقوله تعالى * (بروح منه) * معناه بهدى ولطف ونور وتوفيق إلهي ينقدح من القرآن وكلام النبي عليه السلام وقيل المعنى بالقرآن لأنه روح قيل المعنى بجبريل عليه السلام والحزب الطريق الذي يجمعه مذهب واحد والمفلح الفائز ببغيته وباقي الآية بين
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»