المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٥٤٥
* (نملي) * معناه نمهل ونمد في العمر والملاوة المدة من الدهر والملوان الليل والنهار وتقول ملاك الله النعمة أي منحكها عمرا طويلا وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع يحسبن بالياء من أسفل وكسر السين وفتح الباء وقرأ ابن عامر كذلك إلا في السين فإنه فتحها وقرأ حمزة تحسبن بالتاء من فوق الباء وقرأ ابن عامر كذلك إلا في السين فإنه فتحها وقرأ حمزة تحسبن بالتاء من فوق وفتح السين وقرأ عاصم والكسائي كل ما في هذه السورة بالتاء من فوق إلا حرفين قوله * (ولا يحسبن الذين كفروا) * في هذه الآية وبعدها * (ولا يحسبن الذين يبخلون) * فأما من قرأ ولا يحسبن بالياء من أسفل فإن * (الذين) * فاعل وقوله * (أنما نملي لهم خير) * بفتح الألف من أنما ساد مسد مفعولي حسب وذلك أن حسب وما جرى مجراها تتعدى إلى مفعولين أو إلى مفعول يسد مسد مفعولين وذلك إذا جرى في صلة ما تتعدى إليه ذكر الحديث والمحدث عنه أنه قال أبو علي وكسر إن في قول من قرأ يحسبن بالياء لا ينبغي وقد قرىء فيما حكاه غير أحمد بن موسى وفي غير السبع ووجه ذلك أن يتلقى بها القسم كما يتلقى بلام الابتداء ويدخلان على الابتداء والخبر أعني اللام وإن فعلق عن إنما عمل الحسبان كما تعلق عن اللام في قولك حسبت لزيد قائم فيعلق الفعل عن العمل لفظا وأما بالمعنى فما بعد أن أو اللام ففي موضع مفعولي حسب وما يحتمل أن تكون بمعنى الذي ففي * (نملي) * عائد مستكن ويحتمل أن تكون مصدرية فلا تحتاج إلى تقدير عائد وأما من قرأ ولا تحسبن بالتاء فالذين مفعول أول للحسبان أنه قال أبو علي وينبغي أن تكون الألف من إنما مكسورة في هذه القراءة وتكون إن وما دخلت عليه في موضع المفعول الثاني لتحسبن ولا يجوز فتح الألف من إنما لأنها تكون المفعول الثاني والمفعول الثاني في هذا الباب هو المفعول الأول بالمعنى والإملاء لا يكون إياهم أنه قال مكي في مشكله ما علمت أحدا قرأ تحسبن بالتاء من فوق وكسر الألف من إنما وجوز الزجاج هذه القراءة تحسبن بالتاء وأنما بفتح الألف وظاهر كلامه أنها تنصب خيرا أنه قال وقد قرأ بها خلق كثير وساق عليها مثالا قول الشاعر (فما كان قيس هلكه هلك واحد *) الطويل بنصب هلك الثاني على أن الأول بدل فكذلك يكون * (أنما نملي) * بدلا من * (الذين كفروا) * كقوله تعالى * (وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره) * الكهف 63 وقوله * (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم) * الأنفال 7 ويكون خيرا المفعول الثاني أنه قال أبو علي لم يقرأ هذه القراءة أحد وقد سألت أحمد بن موسى عنها فزعم أنه لم يقرأ بها أحد ويظهر من كلام أبي علي أن أبا إسحاق إنما جوز المسألة مع قراءة خير بالرفع وأبو علي أعلم لمشاهدته أبا إسحاق وذكر قوم أن هذه القراءة تجوز على حذف مضاف تقديره ولا تحسبن شأن الذين كفروا أنما نملي لهم فهذا كقوله تعالى * (واسأل القرية) * يوسف 82 وغير ذلك ويذهب الأستاذ أبو الحسن بن الباذش إلى أنها تجوز على بدل أن من الذين وحذف المفعول لحسب إذ الكلام يدل عليه
(٥٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 ... » »»