المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٥٤٨
ذهب فنحاص إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا فعل أبي بكر فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ما حملك على ما صنعت أنه قال يا رسول الله إنه أنه قال قولا عظيما فلم أملك نفسي أن صنعت ما صنعت فنزلت الآية في ذلك وقال قتادة نزلت الآية في حيي بن أخطب وذلك أنه لما نزلت * (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) * البقرة 245 أنه قال يستقرضنا ربنا إنما يستقرض الفقير الغني وقال الحسن بن أبي الحسن ومعمر قتادة أيضا وغيرهم لما نزلت * (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) * البقرة 245 قالت اليهود إنما يستقرض الفقير من الغني ولا محالة أن هذا قول صدر أولا عن فنحاص وحيي وأشباههما من الأحبار ثم تقاولها اليهود وهو قول يغلط به الأتباع ومن لا علم عنده بمقاصد الكلام وهذا تحريف اليهود التأويل على نحو ما صنعوا في توراتهم وقوله تعالى * (قول الذين كفروا) * دال على أنهم جماعة سورة آل عمران 181 - 182 قرأ حمزة وحده سيكتب بالياء من أسفل على بناء الفعل للمفعول وقتلهم برفع اللام عطفا على المفعول الذي لم يسم فاعله ويقول بالياء من أسفل وقرأ الباقون بنون الجمع فإما أنها نون العظمة وإما هي للملائكة و " ما " على هذه القراءة مفعولة بها وقتلهم بنصب اللام عطفا على " ما " * (ونقول) * بالنون على نحو * (سنكتب) * والمعنى في هاتين القراءتين قريب بعضه من بعض أنه قال الكسائي وفي قراءة عبد الله بن مسعود ويقال ذوقوا وقال أبو معاذ النحوي في حرف ابن مسعود سنكتب ما يقولون ويقال لهم ذوقوا وقرأ طلحة بن مصرف سنكتب ما يقولون وحكى أبو عمرو عنه أيضا أنه قرأ ستكتب بتاء مرفوعة * (ما قالوا) * بمعنى ستكتب مقالتهم وهذه الآية وعيد لهم أي سيحصى عليهم قولهم والكتب فيما أنه قال كثير من العلماء هو في صحف تقيده الملائكة فيها وتلك الصحف المكتوبة هي التي توزن وفيها يخلق الله الثقل والخفة بحسب العمل المكتوب فيها وذهب قوم إلى أن الكتب عبارة عن الإحصاء وعدم الإهمال فعبر عن ذلك بما تفهم العرب منه غاية الضبط والتقييد فمعنى الآية أن أقوال هؤلاء تكتب وأعمالهم ويتصل ذلك بأفعال آبائهم من قتل الأنبياء بغير حق ونحوه ثم يقال لجميعهم * (ذوقوا عذاب الحريق) * وخلطت الآية الآباء مع الأبناء في الضمائر إذ الآباء هم الذين طوقوا لأبنائهم الكفر وإذ الأبناء راضون بأفعال الآباء متبعون لهم والذوق مع العذاب مستعار عبارة عن المباشرة إذ الذوق من أبلغ أنواعها وحاسته مميزة جدا و * (الحريق) * معناه المحرق فعيل بمعنى مفعل وقيل * (الحريق) * طبقة من طبقات جهنم وقوله تعالى * (ذلك بما قدمت أيديكم) * توبيخ وتوقيف داخل فيما يقال لهم يوم القيامة ويحتمل أن
(٥٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 543 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 ... » »»