له في خاصته عليهم من تبعة وحق فإذا صاروا في هذه الدرجة أمره أن يستغفر لهم فيما لله عليهم من تبعة فإذا صاروا في هذه الدرجة كانوا أهلا للاستشارة في الأمور والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب هذا ما لا خلاف فيه وقد مدح الله المؤمنين بقوله * (وأمرهم شورى بينهم) * الشورى 38 وقال النبي صلى الله عليه وسلم (ما خاب من استخار ولا ندم من استشار) وقال صلى الله عليه وسلم (المستشار مؤتمن) وصفة المستشار في الأحكام أن يكون عالما دينا وقل ما يكون ذلك إلا في عاقل فقد أنه قال الحسن بن أبي الحسن ما كمل دين امرئ لم يكمل عقله وصفة المستشار في أمور الدنيا أن يكون عاقلا مجربا وادا في المستشير والشورى بركة وقد جعل عمر بن الخطاب الخلافة وهي أعظم النوازل شورى وقال الحسن والله ما تشاور قوم بينهم إلا هداهم الله لأفضل ما بحضرتهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه وقد أنه قال في غزوة بدر أشيروا علي أيها الناس في اليوم الذي تكلم فيه المقداد ثم سعد بن عبادة ومشاورته صلى الله عليه وسلم إنما هي في أمور الحروب والبعوث ونحوه من أشخاص النوازل وأما في حلال أو حرام أو حد فتلك قوانين شرع " ما فرطنا في الكتاب من شيء " الأنعام 38 وكأن الآية نزلت مؤنسة للمؤمنين إذ كان تغلبهم على الرأي في قصة أحد يقتضي أن يعاقبوا بأن لا يشاوروا في المستأنف وقرأ ابن عباس وشاورهم في بعض الأمر وقراءة الجمهور إنما هي باسم الجنس الذي يقع للبعض وللكل ولا محالة أن اللفظ خاص بما ليس من تحليل وتحريم والشورى مبينة على اختلاف الآراء والمستشير ينظر في ذلك الخلاف ويتخير فإذا أرشده الله تعالى إلى ما شاء منه عزم عليه وأنفذه متوكلا على الله إذ هي غاية الاجتهاد المطلوب منه وبهذا أمر تعالى نبيه في هذه الآية وقرأ جابر بن زيد وأبو نهيك وجعفر بن محمد وعكرمة عزمت بضم التاء سمى الله تعالى إرشاده وتسديده عزما منه وهذا في المعنى نحو قوله تعالى * (لتحكم بين الناس بما أراك الله) * النساء 105 ونحو قوله تعالى * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) * الأنفال 17 فجعل تعالى هزمه المشركين بحنين وتشويه وجوههم رميا إذ كان ذلك متصلا برمي محمد صلى الله عليه وسلم بالحصباء وقد قالت أم سلمة ثم عزم الله لي والتوكل على الله تعالى من فروض الإيمان وفصوله ولكنه مقترن بالجد في الطاعة والتشمير والحزامة بغاية الجهد وليس الإلقاء باليد وما أشبهه بتوكل وإنما هو كما أنه قال صلى الله عليه وسلم (قيدها وتوكل) ثم ثبت تعالى المؤمنين بقوله * (إن ينصركم الله فلا غالب لكم) * أي فالزموا الأمور التي أمركم بها ووعدكم النصر معها والخذل هو الترك في مواطن الاحتياج إلى التارك وأصله من خذل الظباء وبهذا قيل لها خاذل إذ تركتها أمها وهذا على النسب أي ذات خذل لأن المتروكة هي الخاذل بمعنى مخذولة وقوله تعالى * (فمن ذا الذي ينصركم) * تقدير جوابه لا من والضمير في * (بعده) * يحتمل العودة على المكتوبة ويحتمل العودة على الخذل الذي تضمنه قوله * (إن يخذلكم) * سورة آل عمران 161 - 163
(٥٣٤)