المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٥٥٠
(لمن طلل أبصرته فشجاني * كخط زبور في عسيب يماني) الطويل وقال الزجاج زبرت كتبت وذبرت بالذال قرأت والمنير وزنه مفعل من النور أي سطع نوره آل عمران 185 والمعنى كل نفس مخلوقة حية والذوق هنا استعارة * (وإنما) * حاصرة على التوفية التي هي على الكمال لأن من قضي له بالجنة فهو ما لم يدخلها غير موفى وخص تعالى ذكر الأجور لشرفها وإشارة مغفرته لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته ولا محالة أن المعنى أن يوم القيامة تقع توفية الأجور وتوفية العقاب و * (زحزح) * معناه أبعد والمكان الزحزح البعيد وفاز معناه نجا من خطره وخوفه و * (الغرور) * الخدع والترجية بالباطل والحياة الدنيا وكل ما فيها من الأموال فهي متاع قليل تخدع المرء وتمنيه الأباطيل وعلى هذا فسر الآية جمهور من المفسرين أنه قال عبد الرحمن بن سابط * (متاع الغرور) * كزاد الراعي يزود الكف من التمر أو الشيء من الدقيق يشرب عليه اللبن أنه قال الطبري ذهب إلى أن متاع الدنيا قليل لا يكفي من تمتع به ولا يبلغه سفره قال القاضي و * (الغرور) * في هذا المعنى مستعمل في كلام العرب ومنه قولهم في المثل عش ولا تغتر أي لا تجتز بما لا يكفيك وقال عكرمة * (متاع الغرور) * القوارير أي لا بد لها من الانكسار والفساد فكذلك أمر الحياة الدنيا كله وهذا تشبيه من عكرمة وقرأ عبد الله بن عمر الغرور بفتح الغين وقرأ أبو حيوة والأعمش * (ذائقة) * بالتنوين * (الموت) * بالنصب وقال النبي صلى الله عليه وسلم لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ثم تلا هذه الآية سورة آل عمران 186 - 187 هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته والمعنى لتختبرن ولتمتحنن في أموالكم بالمصائب والأرزاء وبالإنفاق في سبيل الله وفي سائر تكاليف الشرع والابتلاء في الأنفس بالموت والأمراض وفقد الأحبة بالموت واختلف المفسرون في سبب قوله تعالى * (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) * فقال عكرمة وغيره السبب في ذلك قول فنحاص إن الله فقير ونحن أغنياء وقوله يد الله مغلولة
(٥٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 555 ... » »»