أن كل موت وقتل فبأجل سابق يجد برد اليأس والتسليم لله تعالى على قلبه والذي يعتقد أن حميمه لو قعد في بيته لم يمت يتحسر ويتلهف وعلى هذا التأويل مشى المتأولون وهو أظهر ما في الآية وقال قوم الإشارة بذلك إلى انتهاء المؤمنين ومخالفتهم الكافرين في هذا المعتقد فيكون خلافهم لهم حسرة في قلوبهم وقال قوم الإشارة بذلك إلى نفس نهي الله تعالى عن الكون مقل الكافرين في هذا المعتقد لأنهم إذا رأوا أن الله تعالى قد وسمهم بمعتقد وأمر بخلافهم كان ذلك حسرة في قلوبهم ويحتمل عندي أن تكون الإشارة إلى النهي والانتهاء معا فتأمله والحسرة التلهف على الشيء والغم به ثم أخبر تعالى خبرا جزما أنه الذي * (يحيي ويميت) * بقضاء حتم لا كما يعتقد هؤلاء وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي والله بما يعملون بالياء فهذا وعيد للمنافقين وقرأ الباقون تعملون بالتاء على مخاطبة المؤمنين فهذا توكيد للنهي في قوله * (لا تكونوا) * ووعيد لمن خالفه ووعد لمن امتثله سورة آل عمران 157 - 158 اللام في قوله تعالى * (ولئن قتلتم) * هي المؤذنة بمجيء القسم واللام في قوله * (لمغفرة) * هي المتلقية للقسم والتقدير والله لمغفرة وترتب الموت قبل القتل في قوله * (ما ماتوا وما قتلوا) * آل عمران 156 مراعاة لرتبة الضرب في الأرض والغزو فقدم الموت الذي هو بإزاء المتقدم الذكر وهو الضرب وقدم القتل في قوله تعالى * (ولئن قتلتم) * لأنه ابتداء إخبار فقدم الأشرف الأهم والمعنى أو متم في سبيل الله فوقع أجركم على الله ثم قدم الموت في قوله تعالى * (ولئن متم أو قتلتم) * لأنها آية وعظ بالآخرة والحشر وآية تزهيد في الدنيا والحياة والموت المذكور فيها هو موت على الإطلاق في السبيل وفي المنزل وكيف كان فقدم لعمومه وأنه الأغلب في الناس من القتل وقرأ نافع وحمزة والكسائي متم بكسر الميم ومتنا ومت بالكسر في جميع القرآن وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بضم الميم في جميع القرآن وروى أبو بكر عن عاصم ضم الميم في جميع القرآن وروى عنه حفص ضم الميم في هذين الموضعين أو متم ولئن متم فقط وكسر الميم حيث ما وقعت في جميع القرآن أنه قال أبو علي ضم الميم هو الأشهر والأقيس مت تموت مثل قلت تقول وطفت تطوف والكسر شاذ في القياس وإن كان قد استعمل كثيرا وليس كما شذ قياسا واستعمالا كشذوذ اليجدع ونحوه ونظير مت تموت بكسر الميم فضل بكسر الضاد يفضل في الصحيح وأنشدوا (ذكرت ابن عباس بباب ابن عامر * وما مر من عمري ذكرت وما فضل) وقوله تعالى * (لمغفرة) * رفع بالابتداء * (ورحمة) * عطف على المغفرة و * (خير) * خبر الابتداء والمعنى المغفرة والرحمة اللاحقة عن القتل أو الموت في سبيل الله خير فجاء لفظ المغفرة غير معرف
(٥٣٢)