المسألة الثانية عشرة وهي مقصود الباب وتحقيقه في بيان الكتاب وذلك أن العلماء اختلفوا في كيفية تخيير النبي لأزواجه على قولين الأول كان النبي خير أزواجه بإذن الله في البقاء على الزوجية أو الطلاق فاخترن البقاء معه قالته عائشة ومجاهد وعكرمة والشعبي وابن شهاب وربيعة ومنهم من قال إنه كان التخيير بين الدنيا فيفارقهن وبين الآخرة فيمسكهن ولم يخيرهن في الطلاق ذكره الحسن وقتادة ومن الصحابة علي وقال ابن عبد الحكم معنى خيرهن قرأ عليهن الآية ولا يجوز أن يقول ذلك بلفظ التخيير فإن التخيير إذا قبل ثلاث والله أمره أن يطلق النساء لعدتهن وقد قال (* (سراحا جميلا) *) الأحزاب 28 والثلاث ليس مما يجمل وإنما السراح الجميل واحدة ليس الثلاث التي يوجبهن قبول التخيير قال القاضي رضي الله عنه أما عائشة فلم يثبت ذلك عنها قط إنما المروي عنها أن مسروقا سألها عن الرجل يخير زوجته فتختاره أيكون طلاقا فإن الصحابة اختلفوا فيه فقالت عائشة خير رسول الله نساءه فاخترنه أكان ذلك طلاقا خرجه الأئمة وروي فلم يكن شيئا فلما وجدوا لفظ (خير) في حديث عائشة وقولها لما أمر رسول الله بتخيير نسائه بدأ بي فقال إني ذاكر لك أمرا إن الله تعالى قال (* (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن) *) الآية وليس في هذا تخيير بطلاق كما زعموا وإنما يرجع الأول إلى أحد وجهين التخيير بين الدنيا فيوقع الطلاق وبين الآخرة فيكون الإمساك ولهذا يرجع قولهم إلى آية التخيير وقولها خير رسول الله نساءه أو أمر بتخيير نسائه فإنما يعود ذلك كله إلى هذا التفسير من التخيير والذي يدل عليه أنه قد سمى كما تقدم آية التخيير (* (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن) *) التحريم 5
(٥٦٠)