أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٣ - الصفحة ٥٥٨
المسألة السادسة قوله تعالى (* (إن كنتن تردن الحياة الدنيا) *)) وهو شرط جوابه (* (فتعالين أمتعكن وأسرحكن) *) فعلق التخيير على شرط وهذا يدل على أن التخيير والطلاق المعلقين على شرط صحيحان ينفذان ويمضيان خلافا للجهال المبتدعة الذين يزعمون أن الرجل إذا قال لزوجته إن دخلت الدار فأنت طالق إنه لا يقع الطلاق إن دخلت الدار لن الطلاق الشرعي هو المنجز لا غير المسألة السابعة قوله تعالى (* (الحياة الدنيا وزينتها) *)) معناه إن كنتن تقصدن الحالة القريبة منكن فإن للإنسان حالتين حالة هو فيها تسمى الدنيا وحالة لا بد أن يصير إليها وهي الأخرى وتقصدن التمتع بها فيها والتزين بمحاسنها سرحتكن لطلب ذلك كما قال تعالى (* (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب) *) الشورى 2 ولا بد للمرء من أن يكون على صفتين إما أن يلتفت إلى هذه الحالة القريبة ويجمع لها وينظر فيها ومنها وإما أن يلتفت إلى حالته الأخرى فإياها يقصد ولها يسعى ويطل بولذلك اختار الله لرسوله الحالة الأخرى فقال له (* (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى) *) طه 131 يعني رزقه في الآخرة إذ المرء لا بد له أن يأتيه رزقه في الدنيا طلبه أو تركه فإنه طالب له طلب الأجل وأما رزقه في الآخرة فلا يأتيه إلا ويطلبه فخير الله أزواج نبيه في هذا ليكون لهن المنزلة العليا كما كانت لزوجهن وهذا معنى ما روى أحمد بن حنبل عن علي أنه قال لم يخير رسول الله
(٥٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 553 554 555 556 557 558 559 560 561 562 563 ... » »»