إيثار حق الله على حظ نفسه وتقديم رضاه على هواه والاجتناب للزواجر والامتثال للأوامر وأما العدل بينه وبين نفسه فمنعها عما فيه هلاكها كما قال تعالى (* (ونهى النفس عن الهوى) *) [النازعات 4] وعزوب الأطماع عن الاتباع ولزوم القناعة في كل حال ومعنى وأما العدل بينه وبين الخلق ففي بذل النصيحة وترك الخيانة فيما قل وكثر والإنصاف من نفسك لهم بكل وجه ولا يكون منك إلى أحد مساءة بقول ولا فعل لا في سر ولا في علن حتى بالهم والعزم والصبر على ما يصيبك منهم من البلوى وأقل ذلك الإنصاف من نفسك وترك الأذى المسألة الثانية الإحسان وهو في العلم والعمل فأما في العلم فبأن تعرف حدوث نفسك ونقصها ووجوب الأولية لخالقها وكماله وأما الاحسان في العمل فالحسن ما أمر الله به حتى إن الطائر في سجنك والسنور في دارك لا ينبغي أن تقصر في تعهده فقد ثبت في الصحيح عن النبي أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها لا هي سقتها ولا أطعمتها ولا أرسلتها تأكل من خشاش الأرض ويقال الإحسان ألا تترك لأحد حقا ولا تستوفي مالك وقد قال جبريل للنبي ' ما الإحسان؟ قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ' وهذا إشارة إلى ما تعتقده الصوفية من مشاهدة الحق في كل حال واليقين بأنه مطلع عليك؛ فليس من الأدب أن تعصي مولاك بحيث يراك
(١٥٤)