الأجزاء تابعة في الجملة لتنجست بإبانتها عنها كأجزاء الأعضاء؛ وإذا تعارضت الأحكام وجب الترجيح بالحقيقة على أن هذه الأحكام التي تعلقوا بها لا حجة فيها؛ أما الحل والحرمة فإنما يتعلقان باللذة وهي في الشعر كما تكون في البدن وأما الإحرام فإنه يتعلق بإلقاء التفث وإذهاب الزينة والشعر من ذلك الوصف وأما الأرش فإنه يتعلق بإبطال الجمال تارة وإبطال المنفعة أخرى والجمال والمنفعة معا موجودان في الشعر أو أحدهما بخلاف الطهارة والتنجيس فإنه حكم يترتب على الحياة والموت وليس للصوف ولا للوبر ولا للشعر مدخل بحال وقد عول الشيخ أبو إسحاق إمام الشافعية ببغداد على أن الشعر والصوف والوبر جزء متصل بالحيوان اتصال خلقة ينمى بنمائة فينجس بموته كسائر الأجزاء وأجاب عن ذلك علماؤنا بأن النماء ليس بدليل على الحياة؛ فإن النبات ينمى وليس بحي وإذا عولوا على النماء المتصل بالحيوان عولنا على الإبانة التي تدل على عدم الإحساس الذي يدل على عدم الحياة وقد استوفينا القول فيها في مسائل الخلاف وأشرنا إليه فيما تقدم وبمجموع هذه الأقوال يتحصل العلم لكم ويخلص من الإشكال عندكم المسألة الثامنة قوله (* (ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها) *)) ولم يذكر القطن ولا الكتان لأنه لم يكن في بلاد العرب المخاطبين به وإنما عدد عليهم ما أنعم به عليهم وخوطبوا فيما عرفوا بما فهموا وما قام مقام هذه وناب منابها يدخل في الاستعمال والنعمة مدخلها وهذا كقوله (* (وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء) *) [النور 43]؛ فخاطبهم بالبرد لأنهم كانوا يعرفون نزوله كثيرا عندهم وسكت عن ذكر الثلج لأنه لم يكن في بلادهم وهو مثله في الصفة والمنفعة وقد ذكرهما النبي معا في التطهير فقال ' اللهم اغسلني بماء وثلج وبرد ونقني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب [الأبيض] الدنس بالماء '
(١٥١)