أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٣ - الصفحة ١٤٩
قبة من أدم وناهيك بأديم الطائف غلاء في القيمة واعتلاء في الصفة وحسنا في البشرة ولم يعد ذلك ترفا ولا رآه سرفا؛ لأنه مما امتن الله به من نعمه وأذن فيه من متاعه وظهرت وجوه منفعته في الاكتنان والاستظلال الذي لا يقدر على الخروج عنه جنس الإنسان ومن غريب ما جرى أني زرت بعض المتزهدين من الغافلين مع بعض رجال المحدثين فدخلنا عليه في خباء كتان فعرض عليه صاحبي المحدث أن يحمله إلى منزله ضيفا وقال إن هذا موضع يكثر فيه الحر والبيت أرفق بك وأطيب لنفسي فيك فقال له هذا الخباء لنا كثير وكان في صنفها من الحقير فقلت له ليس كما زعمت قد كانت لرسول الله - وهو رئيس الزهاد - قبة من أدم طائفي يسافر معها ويستظل بها فبهت ورأيته على منزلة من العي فتركته مع صاحبي وخرجت عنه المسألة الرابعة قوله (* (ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها) *)) أذن الله سبحانه في هذه الآية بالانتفاع بصوف الغنم ووبر الإبل وشعر المعز كما أذن في الأعظم وهو ذبحها وأكل لحومها كما أخبر أنه خلق لنا ما في الأرض جميعا وعلم كيفية الانتفاع بها المسألة الخامسة قوله (* (أثاثا) *)) هو كل ما يحتاج المرء إلى استعماله من آلة ويفتقر إليه في تصريف منافعه من حاجة ومنه أثاث البيت وأصله من الكثرة يقال أث النبث يئث إذا كثر وكذلك الشعر يقال شعر أثيث إذا كان كثيرا ملتفا المسألة السادسة قوله (* (ومتاعا) *)) وهو كل ما انتفع به المرء في مصالحه وصرفه في حوائجه يقال تمتع الرجل بماله إذا نال لذته وببدنه إذا وجد صحته وبأهله إذا أصاب حاجته وببنيه إذا ظهر بنصرتهم وبجيرته إذا رأى منفعتهم
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»