إلا في المركبات من الطبائع الأربع وهذا تحكم في القولين من وجهين أحدهما أنهم أخبروا عن الملائكة وكيفيتهم بما لم يعاينوه ولا نقل إليهم ولا دل دليل العقل عليه والثاني أنهم أحالوا على البسيط أن يتركب وذلك عندنا جائز بل يجوز عندنا بلا خلاف أن يأكل البسيط ويشرب ويطأ ولا يوجد من المركب شيء من ذلك وهذا الذي اطرد في البسيط من عدم الغذاء وفي المركب من وجود الغذاء عادة إلا أنه غاية القدرة وقد مكنا القول في ذلك ومهدناه في الأصول وخبر الله تعالى عنهم بأنهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون ويفعلون ما يؤمرون صدق لا خلاف فيه لكنه خبر عن حالهم وهي ما يجوز أن تتغير فيكون الخبر عنها بذلك أيضا وكل حق صدق لا خلاف فيه وقد قال علماؤنا إنه خبر عام يجوز أن يدخله التخصيص وهذا صحيح أيضا وقد روى سنيد في تفسيره أنه دخل إليهما في مغارهما وكلما وتعلم منهما في زمن الإسلام وليس التعلم منهما إلا سماع كلامهما وهما إذا تكلما إنما يقولان إنما نحن فتنة فلا تكفر أي لا تجعل ما تسمع منا سببا للكفر كما جعل السامري ما اطلع عليه من أثر فرس جبريل سببا لاتخاذ العجل إلها من دون الله وفي هذا من العبرة الخشية من سوء العاقبة والخاتمة وعدم الثقة بظاهر الحالة والخوف من مكر الله تعالى فهذا بلعام في الآدميين كهاروت وماروت في الملائكة المقربين فأنزلوا كل فن في مرتبته وتحققوا مقداره في درجته حسبما رويناه ولا تذهلوا عن بعضه فتجهلوا جميعه
(٤٧)