والثاني أنهم شاهدوا قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله فأفادتهم المشاهدة عقل المعنى جملة واستيفاء المقصد كله وليس من أخبر كمن عاين ألا تراهم يقولون في كل حديث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا ولا يذكرون لفظه وكان ذلك خبرا صحيحا ونقلا لازما وهذا لا ينبغي أن يستريب فيه منصف لبيانه الآية الرابعة عشرة قوله سبحانه (* (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) *) [الآية 67] هذه الآية عظيمة الموقع مشكلة في النظر لتعلقها بالأصول ومن الفروع بالكلام في الدم وفي كل فصل إشكال وذلك ينحصر في خمس مسائل المسألة الأولى في سبب ذلك روي عن بني إسرائيل أنه كان فيها من قتل رجلا غيلة بسبب مختلف فيه وطرحه بين قوم وكان قريبه فادعى به عليهم وترافعوا إلى موسى عليه السلام فقال له القاتل قتل قريبي هذا هؤلاء القوم وقد وجدته بين أظهرهم فانتفوا من ذلك وسألوا موسى عليه السلام أن يحكم بينهم برغبة إلى الله تعالى في تبيين الحق لهم فدعا موسى عليه السلام ربه تعالى فأمرهم بذبح بقرة وأخذ عضومن أعضائها يضرب به الميت فيحيا فيخبرهم بقاتله فسألوا عن أوصافها وشددوا فشدد الله سبحانه عليهم حتى انتهوا إلى صفتها المذكورة في القرآن فطلبوا تلك البقرة فلم يجدوها إلا عند رجل بر بأبويه أو بأحدهما فطلب منهم فيها مسكها مملوءا ذهبا فبذلوه فيها فاستغنى ذلك الرجل بعد فقره وذبحوها فضربوه ببعضها فقال فلان قتلني لقاتله
(٣٦)