صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب فأعلمهم الله سبحانه أنهم لو كانوا مكانهم ويحل الشيطان من قلوبهم محله من بني آدم لعملوا بعملهم وقد أعطيت بني آدم عشرا من الشهوات فبها يعصونني قالت الملائكة ربنا لو أعطيتنا تلك الشهوات وابتليتنا لحكمنا بالعدل وما عصيناك فأمرهم سبحانه أن يختاروا منهم ملكين من أفضلهم فتعرض لذلك هاروت وماروت وقالا نحن ننزل وأعطنا الشهوات وكلفنا الحكم بالعدل فنزلا ببابل فكانا يحكمان حتى إذا أمسيا عرجا إلى مكانهما ففتنا بامرأة حاكمت زوجها اسمها بالعربية الزهرة وبالنبطية بيرخت وبالفارسية اقاهيد فقال أحدهما لصاحبه إنها لتعجبني قال له الآخر لقد أردت أن أقول لك ذلك فهل لك في أن تعرض لها قال له الآخر كيف بعذاب الله قال إنا لنرجو رحمة الله فطلباها في نفسها قالت لا حتى تقضيا لي على زوجي فقضيا لها وقصداها وأرادا مواقعتها فقالت لهما لا أجيبكما لذلك حتى تعلماني كلاما أصعد به إلى السماء وأنزل به منها فأخبراها فتكلمت فصعدت إلى السماء فمسخها الله تعالى كوكبا فلما أرادا أن يصعدا لم يطيقا فأيقنا بالهلكة فخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة فاختارا عذاب الدنيا فعلقا ببابل فجعلا يكلمان الناس كلامهما وهو السحر ويقال كانت الملائكة قبل ذلك يستغفرون للذين آمنوا فلما وقعا في الخطيئة استغفروا لمن في الأرض قال القاضي وإنما سقنا هذا الخبر لأن العلماء رووه ودونوه فخشينا أن يقع لمن يضل به وتحقيق القول فيه أنه لم يصح سنده ولكنه جائز كله في العقل لو صح في النقل وليس بممتنع أن تقع المعصية من الملائكة ويوجد منهم خلاف ما كلفوه وتخلق فيهم الشهوات فإن هذا لا ينكره إلا رجلان أحدهما جاهل لا يدري الجائز من المستحيل والثاني من شم ورد الفلاسفة فرآهم يقولون إن الملائكة روحانيون وإنهم لا تركيب فيهم وإنما هم بسائط وشهوات الطعام والشراب والجماع لا تكون
(٤٦)