أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٤٣
الله سليمان فدفنوها تحت كرسيه وعاد سليمان إلى حاله واستأثر الله تعالى به فقالت الشياطين للناس إنما كان سليمان يملككم بأمور أكثرها تحت كرسيه فيها علوم غريبة فدونكم فاحتفروا عليها ففعلوا واستثاروها فنفذ عليهم القضاء فصار في أيديهم وتناقلته الكفرة والفلاسفة عنهم حتى وصل ذلك إلى يهود الحجاز فكانوا يعملونه ويعلمونه ويصرفونه في حوائجهم ومعايشهم وكانوا بين جاهلية جهلاء وأمة عمياء فلما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق ونور القلوب وكشف قناع الألباب لجأت اليهود إلى أن تعلق ما كان عندها من ذلك لسليمان عليه السلام وتزعم أنه مما نزل به جبريل وميكائيل عليهما السلام على سليمان صلى الله عليه وسلم وكان ذلك قد حمل قوما قبل البعث على أن يتبرأوا من سليمان عليه السلام فأنزل الله تعالى الآية المسألة الثانية هذا الذي ذكرنا آنفا مما فيه الحرج في ذكره عن بني إسرائيل لما قدمناه من أنه إنما أذن لنا أن نتحدث عنهم في حديث يعود إليهم وما كنا لنذكر هذا لولا أن الدواوين قد شحنت به أما قولهم إن سليمان كان صغوه صحة الحكم لقوم الجرادة فباطل قطعا لأن الأنبياء صلوات الله عليهم لا يجوز ذلك عليهم إجماعا فإنهم معصومون عن الكبائر باتفاق وأما قولهم بأن شيطانا تصور في صورة ملك أو نبي فأخذ الخاتم فباطل قطعا لأن الشياطين لا تتصور على صور الأنبياء وقد بينا ذلك مبسوطا في كتاب النبي وأما دفنها تحت كرسي سليمان عليه السلام فيمكن ألا يعلم بذلك وتبقى حتى يفتتن بها الخلق بعده وقد روي أن سليمان عليه الصلاة والسلام أخذها ودفنها تحت كرسيه وذلك مما
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»