الصداق وآلت الحال إلى أن المتعة لم يبين الله سبحانه وتعالى وجوبها إلا لمطلقة قبل المسيس والفرض وأما من طلقت وقد فرض لها فلها قبل المسيس نصف الفرض ولها بعد المسيس جميع الفرض أو مهر مثلها والحكمة في ذلك أن الله سبحانه وتعالى قابل المسيس بالمهر الواجب ونصفه بالطلاق قبل المسيس لما لحق الزوجة من رخص العقد ووصم الحل الحاصل للزوج بالعقد فإذا طلقها قبل المسيس والفرض ألزمه الله المتعة كفؤا لهذا المعنى ولهذا اختلف العلماء في وجوب المتعة فمنهم من رآها واجبة لظاهر الأمر بها وللمعنى الذي أبرزناه من الحكمة فيها وقال علماؤنا ليست بواجبة لوجهين أحدهما أن الله تعالى لم يقدرها وإنما وكلها إلى اجتهاد المقدر وهذا ضعيف فإن الله تعالى قد وكل التقدير في النفقة إلى الاجتهاد وهي واجبة فقال (* (على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) *) الثاني أن الله تعالى قال فيها (* (حقا على المحسنين) *) حقا على المتقين ولو كانت واجبة لأطلقها على الخلق أجمعين فتعليقها بالإحسان وليس بواجب وبالتقوى وهو معنى خفي دل على أنها استحباب يؤكده أنه قال تعالى في العفو عن الصداق (* (وأن تعفوا أقرب للتقوى) *) [البقرة 237] فأضافه إلى التقوى وليس بواجب وذلك أن للتقوى أقساما بيناها في كتب الفقراء ومنها واجب ومنها ما ليس بواجب فلينظر هنالك فإن قيل فقد قال تعالى (* (وللمطلقات متاع بالمعروف) *) [البقرة 241] فذكرها لكل مطلقة قلنا عنه جوابان أحدهما أن المتاع هو كل ما ينتفع به فمن كان لها مهر فمتاعها مهرها ومن لم يكن لها مهر فمتاعها ما تقدم
(٢٩١)