أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ١٥٣
حنيفة ينسخ الخاص وهذا البائس ليته سكت عما لا يعلم وأمسك عما لا يفهم وأقبل على مسائل مجردة وقد روى الأئمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة إن هذا البلد حرمه الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي وإنما أحلت لي ساعة من نهار فقد ثبت النهي عن القتال فيها قرآنا وسنة فإن لجأ إليها كافر فلا سبيل إليه وأما الزاني والقاتل فلا بد من إقامة الحد عليه إلا أن يبتدئ الكافر بالقتال فيها فيقتل بنص القرآن المسألة الثالثة قوله تعالى (* (فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين) *)) هذا يبين أن الكافر إذا قاتل قتل بكل حال بخلاف الباغي المسلم فإنه إذا قاتل يقاتل بنية الدفع ولا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح وهذا بين المسألة الرابعة قوله تعالى (* (فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم) *)) يعني انتهوا بالإيمان فإن الله يغفر لهم جميع ما تقدم ويرحم كلا منهم بالعفو عما اجترم وهذا ما لم يؤسر فإن أسر منعه الإسلام عن القتل وبقي عليه الرق لما روى مسلم وغيره عن عمران بن حصين أن ثقيفا كان حلفاء لبني عقيل في الجاهلية فأصاب المسلمون رجلا من بني عقيل ومعه ناقة له فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد بم أخذتني وأخذت سابقة الحاج قال أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف وقد كانوا أسروا رجلين من المسلمين فكان النبي صلى الله عليه وسلم يمر به وهو محبوس فيقول
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»