تفسير النسفي - النسفي - ج ٤ - الصفحة ٥٠
الزمر (16 - 10)) بلاد أخر واقتدوا بالأنبياء والصالحين في مهاجرتهم إلى غير بلادهم ليزدادوا إحسانا إلى إحسانهم وطاعة إلى طاعتهم * (إنما يوفى الصابرون) * على مفارقة أوطانهم وعشائرهم وعلى غيرها من تجرع الغصص واحتمال البلايا في طاعة الله وازدياد الخير * (أجرهم بغير حساب) * عن ابن عباس رضي الله عنهما لا يهتدى إليه حساب الحساب ولا يعرف وهو حال من الأجر أي موفرا * (قل إني أمرت أن أعبد الله) * بأن أعبد الله * (مخلصا له الدين) * أي أمرت باخلاص الدين * (وأمرت لأن أكون أول المسلمين) * وأمرت بذلك لأجل أن أكون أول المسلمين اى مقدمهم وسابقهم في الدنيا والآخرة والمعنى أن الاخلاص له السبقة في الدنيا فمن أخلص كان سابقا فالأول أمر بالعبادة مع الاخلاص والثاني بالسبق فلاختلاف جهتيهما نزلا منزله المختلفين فصح عطف أحدهما على الآخر * (قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم) * لمن دعاك بالرجوع إلى دين آبائك وذلك أن كفار قريش قالوا له عليه السلام الاتنظر إلى أبيك وجدك وسادات قومك يعبدون اللات والعزى فنزلت ردا عليهم * (قل الله أعبد مخلصا له ديني) * وهذه الآية اخبار بأنه يخص الله وحده بعبادته مخلصا له دينه دون غيره والأولى اخبار بأنه مأمور بالعبادة والاخلاص فالكلام أولا واقع في نفس الفعل واثباته وثانيا فيما يفعل الفعل لأجله ولذلك رتب عليه قوله * (فاعبدوا ما شئتم من دونه) * وهذا أمر تهديد وقيل له عليه السلام ان خالفت دين آبائك فقد خسرت فنزلت * (قل إن الخاسرين) * أي الكاملين في الخسران الجامعين لوجوهه وأسبابه * (الذين خسروا أنفسهم) * باهلاكها في النار * (وأهليهم) * أي وخسروا أهليهم * (يوم القيامة) * لأنهم أضلوهم فصاروا إلى النار ولقد وصف خسرانهم بغاية الفظاعة في قوله * (ألا ذلك هو الخسران المبين) * حيث صدر الجملة بحرف التنبيه ووسط الفصل بين المبتدا والخبر وعرف الخسران ونعته بالمبين وذلك لأنهم استبدلوا بالجنة نارا وبالدرجات دركات * (لهم من فوقهم ظلل) * أطباق * (من النار ومن تحتهم ظلل) * أطباق من النار وهى ظلل لآخرين أي النار محيطة بهم * (ذلك الذي) * وصف من العذاب أو ذلك الظلل * (يخوف الله به عباده) * ليؤمنوا به ويجتنبوا مناهيه * (يا عباد فاتقون) * ولا تتعرضوا لما يوجب سخطي خوفهم بالنار ثم حذرهم نفسه * (والذين اجتنبوا الطاغوت) *
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»