تفسير النسفي - النسفي - ج ٤ - الصفحة ٢٢٠
* (والله لا يحب كل مختال فخور الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن) * عنده مفقود لا مجالة لم يتفاقم جزعه عند فقده لأنه وظن نفسه على ذلك وكذلك من علم أن بعض الخير واصل إليه وأن وصوله لا يفوته بحال لم يعظم فرحه عند نيله وليس أحد إلا وهو يفرح عند منفعة تصيبه ويحزن عند مضرة تنزل به ولكن ينبغي أن يكون الفرج شكرا و الحزن صبرا وانما يذم من الحزن والجزع المنافي للصبر ومن الفرح الأشر المطعي الملهي عن الشكر * (والله لا يحب كل مختال فخور) * لأن من فرح بحظ من الدنيا وعظم في نفسه اختال وافتخر وتكبر على الناس * (الذين يبخلون) * خبر مبتدأ محذوف أو بدل من كل مختال فخور كان قال لا يحب الذين يبخلون يريد الذين يفرحون الفرح المطغي إذا رزقوا مالا وحظا من الدنيا فلحبهم له وعزته عندهم يزوونه عن حقوق الله ويبخلون به * (ويأمرون الناس بالبخل) * ويحضون غيرهم على البخل ويرغبونهم في الامساك * (ومن يتول) * يعرض عن الانفاق أو عن أوامر الله ونواهيه ولم ينته عما نهى عنه من الأسى على الفائت والفرح بالآتي * (فإن الله هو الغني) * عن جميع المخلوقات فكيف عنه * (الحميد) * في أفعاله فإن الله الغني يترك هو مدني وشامي * (لقد أرسلنا رسلنا) * يعني أرسلنا الملائكة إلى الأنبياء * (بالبينات) * بالحجج والمعجزات * (وأنزلنا معهم الكتاب) * أي الوحي وقيل الرسل الأنبياء والأول أولى لقوله معهم لأن الأنبياء ينزل عليهم الكتاب * (والميزان) * روى أن جبريل نزل بالميزان فدفعه إلى نوح وقال مرقومك يزنوا به * (ليقوم الناس) * ليتعاملوا بينهم ايفاء واستيفاء * (بالقسط) * بالعدل ولا يظلم أحدا أحدا * (وأنزلنا الحديد) * قيل نزل آدم من الجنة ومعه خمسة أشياء من حديد السندان والكلبتان والميقعة والطرقة والابرة وروي ومعه المرو والمسحاق وعن الحسن وأنزلنا الحديد خلقناه * (فيه بأس شديد) * وهو القتال به * (ومنافع للناس) * في مصالحهم ومعايشهم وصنائعهم فما من صناعة إلا والحديد آلة فيها أو ما يعمل بالحديد * (وليعلم الله من ينصره ورسله) * باتسعمال لاسيوف والرماح وسائر السلاح في مجاهدة أعداء الدين وقال الزجاج ليعلم الله من يقاتل مع رسوله في سبيله بالغيب غائبا عنهم * (إن الله قوي) * يدفع بقوته بأس من يعرض عن ملته * (عزيز) * يربط بعزته جأش من يتعرض لتصرفه والمناسبة بين هذه الأشياء الثلاثة الأحكام والحدود ويأمر بالعدل والاحسان وينهى عن البغي والطغيان واستعمال العدل والاجتناب عن الظلم إنما يقع بآلة يقع بها التعامل ويحصل بها التساوي والتعادل وهي الميزان ومن المعلوم أن الكتاب الجامع للأوامر الإلهية والآلهة الموضوعة للتعامل بالتسوية إن تحص العامة على
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»