يعني ان الأموال التي في أيديكم انما هي أموال الله بخلقه وانشائه لها وانما مولكم إياها للاستمتاع بها وجعلكم خلفاء في التصرف فيا فليست هي بأموالكم في الحقيقة وما أنتم فيها إلا بمنزلة الوكلاء والنواب فانفقوا منها في حقوق الله تعالى وليهن عليكم الانفاق منها كما تهون على الرجل الانفاق من مال غيره إذا أذن له فيه أو جعلكم مستخلفين ممن كان قبلكم فيما في أيديكم بتوريئه إياكم وسينقل منكم إلى من بعدكم فاعتبرا بحالهم ولا تبخلوا به * (فالذين آمنوا) * بالله ورسوله * (منكم وأنفقوا لهم أجر كبير وما لكم لا تؤمنون بالله) * هو حال من معنى الفعل في مالكم كما تقول مالك قائما بمعنى ما تصنع قائما أي ومالكم كافرين بالله والواو في * (والرسول يدعوكم) * واو الحال فهما حالان متداخلتان والمعنى وأي عذر لكم في ترك الايمان والرسول يدعوكم * (لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم) * وقبل ذلك قد أخذ الله ميثاقكم بقوله ألست بربكم أو بما ركب فيكم من العقول ومكنكم من النظر في الأدلة فإذا لم تبق لكم علة بعد أدلة العقول وتنبيه الرسول فما لكم لا تؤمنون * (إن كنتم مؤمنين) * لموجب ما فان هذا الموجب لا مزيد عليه أخذ ميثاقكم أبو عمرو * (هو الذي ينزل على عبده) * محمد صلى الله عليه وسلم * (آيات بينات) * يعني القرآن * (ليخرجكم) * الله تعالى أو محمد بدعوته * (من الظلمات إلى النور) * من ظلمات الكفر إلى نور الايمان * (وإن الله بكم لرؤوف) * بالمد والهمزة حجازي وشامي وحفص * (رحيم) * الرأفة أشد الرحمة * (وما لكم ألا تنفقوا) * في أن لا تنفقوا * (في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض) * يرث كل شيء فيهما لا يبقى منه باق لاحد من مال وغيره يعني وأي غرض لكم في ترك الانفاق في سبيل الله والجهاد مع رسوله والله مهلككم فوارث أموالكم وهو من أبلغ البعث على الانفاق في سبيل الله ثم بين التفاوت بين المنفقين منهم فقال * (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) * أي فتح مكة قبل عز الاسلام وقوة أهله ودخول الناس في دين الله أفواجا ومن أنفق من بعد الفتح فحذف لأن قوله من الذين انفقوا من بعد يدل عليه * (أولئك) * الذين انفقوا قبل الفتح وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد احدم ولا نصيفه
(٢١٥)