تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣٧٩
القلم الآية 16 20 16 ثم أوعده فقال (سنسمه على الخرطوم) والخروطوم الأنف قال أبو العالية ومجاهد أي نسود وجهه فنجعل له علما في الآخرة يعرف به وهو سواد الوجه قال الفراء خص الخرطوم بالسمة وأنه في مذهب الوجه لأن بعض الشيء يعبر به عن كله وقال ابن عباس سنخطمه بالسيف وقد فعل ذلك يوم بدر وقال قتادة سنلحق به شيئا لا يفارقه قال القتيبي تقول العرب للرجل سب الرجل سبة قبيحة قد وسمه ميسم سوء يريد ألصق به عارا لا يفارقه كما أن السمة لا ينمحي ولا يعفو أثرها وقد ألحق الله بما ذكر من عيوبه عارا لا يفارقه في الدنيا والآخرة كالوسم على الخرطوم وقال الضحاك والكسائي سنكويه على وجهه 17 18 (إنا بلوناهم) يعني اختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع (كما بلونا) ابتلينا (أصحاب الجنة) روى محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عز وجل (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة) قال كان بستان باليمن يقال له الضروان دون صنعاء بفرسخين يطؤه أهل الطريق كان غرسه قوم من أهل الصلاة وكان لرجل فمات فورثه ثلاثة بنين له وكان يكون للمساكين إذا صره وانخلهم كل شيء تعداه المنجل إذا طرح من فوق النخل إلى البساط فكل شيء يسقط على البساط فهو أيضا للمساكين وإذا حصدوا زرعهم فكل شيء تعداه المنجل فهو للمساكين وإذا داسوا كان لهم كل شيء ينتثر أيضا فلما مات الأب وورثه هؤلاء الإخوة عن أبيهم فقالوا والله إن المال لقليل وإن العيال لكثير وإنما كان هذا الأمر يفعل إذا كان المال كثيرا والعيال قليلا فأما إذا قل المال وكثر العيال فإنا لا نستطيع أن نفعل هذا فتحالفوا بينهم يوما ليغدون غدوة قبل خروج الناس فليصرمن نخلهم ولم يستثنوا يعني لم يقولوا إن شاء الله فغدا القوم بسدفة من الليل إلى جنتهم ليصرموها قبل أن يخرج المساكين فرأوها مسودة وقد طاف عليها من الليل طائف من العذاب فأحرقها فأصبحت كالصريم فذلك قوله عز وجل (إذ أقسموا) حلفوا (ليصرمنها مصبحين) ليقطعن ثمرها إذا أصبحوا قبل أن يعلم المساكين (ولا يستثنون) لا يقولون إن شاء الله 19 (فطاف عليها طائف) عذاب (من ربك) ليلا ولا يكون الطائف إلا بالليل وكان ذبك الطائف نارا نزلت من السماء فأحرقتها (وهم نائمون) 20 (فأصبحت كالصريم) كالليل المظلم الأسود وقال الحسن أي صرم منها الخير فليس فيها شيء وقال الأخفش كالصبح الصريم من الليل وأصل الصريم المصروم مثل قتيل ومقتلو وكل شيء قطع فهو صريم فالليل صريم والصبح صريم لأن كل واحد منهما ينصرم عن صاحبه وقال ابن عباس كالرماد الأسود بلغة خزيمة
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»