تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣٢٩
أمهاجرة جئت قالت لا قال فما جاء بك قالت كنتم الأصل والعشيرة والموالي وقد ذهبت موالي وقد احتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني وتحملوني فقال لها وأين أنت من شبان مكة وكانت مغنية نائحة قالت ما طلب مني شيء بعد وقعة بدر فحث رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب وبني المطلب فأعطوها نفقة وكسوها وحملوها فأتاها حاطب بن أبي بلتعة حلي فبني أسد بن عبد العزى فكتب معها إلى أهل مكة وأعطاها عشرة دنانير وكساها بردا على أن توصل الكتاب إلى أهل مكة وكتب في الكتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم فخذوا حذركم فخرجت سارة ونزل جبريل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما فعل فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وعمارا والزبير وطلحة والمقداد بن الأسود وأبا مرثد فرسا فقال لهم انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين فخذوا منها وخلوا سبيل ها وإن لم تدفعه إليكم فاضربوا عنقها قال فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لها أين الكتاب فحلفت بالله ما معها كتاب فبحثوها وفتشوا متاعها فلم يجدوا معها كتابا فهموا بالرجوع فقال رضي الله عنه والله ما كذبنا ولا كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسل سيفه فقال أخرجي الكتاب وإلا لأجردنك ولأضربن عنقك فلما رأت الجد أخرجته من ذؤابتها وكانت قد خبأته في شعرها فخلوا سبيلها ولم يتعرضوا لها ولا لما معها فرجعوا بالكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حاطب فأتاه فقال هل تعرف الكتاب قال نعم قال فما حالك على ما صنعت فقال يا رسول الله والله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ولا أحببتهم منذ فارقتهم ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلا وله بمكة من يمنع عشيرته وكنت غريبا فيهم وكان أهلي بين ظهرانيهم فخشيت على أهلي فأردت أن أتخذ عندهم يدا وقد علمت أن الله ينزل بهم بأسه وأن كتابي لا يغني عنهم شيئا فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعذره فقام عمر بن الخطاب فقال دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال لهم اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فأنزل الله عز وجل في شأن حاطب (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) (تلقون إليهم بالمودة) قيل أي المودة والباء زائدة كقوله (ومن يرد فيه بالحاد بظلم) وقال الزجاج معناه تلقون إليهم أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وسره بالمودة اليت بينكم وبينهم (وقد كفروا) الواو للحال أي وحالهم أنهم كفروا (بما جاء من الحق) يعني القرآن (يخرجون الرسول وإياكم) من مكة (أن تؤمنوا) أي لأن آمنتم كأنه قال يفعلون ذلك لإيمانكم (بالله ربكم إن كنتم خرجتم) هذا شرط جوابه متقدم وهو قوله (لا تتخذوا عدو وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق إن كنتم خرجتم) (جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة) قال مقاتل بالنصيحة (وأنا أعلم بما أخفيتم) من المودة للكفار (وما أعلنتم) أظهرتم بألسنتكم ومن يفعله منكم (فقد ضل سواء السبيل) أخطأ طريق الهدى
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»