تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٣٣٣
الممتحنة الآية 11 لالتماس دنيا وما خرجت إلا رغبة في الإسلام وحبا لله ولرسوله قال فاستحلفها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك فحلفت فلم يردها وأعطى زوجها مهرها وما أنفق عليها فتزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان يرد من جاءه من الرجال ويحبس من جاءه من النساء بعد الامتحان ويعطي أزواجهن مهورهن (الله أعلم بإيمانهن) أي هذا الامتحان لكم والله أعلم بإيمانهن (فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن) ما أحل الله مؤمنة لكافر (وآتوهم) يعني أزواجهن الكفار (ما أنفقوا) عليهن يعني المهر الذي دفعوا إليهن (ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن) أي مهورهن أباح الله نكاحهن للمسلمين وإن كان لهن أزواج في دار الكفر لأن الإسلام فرق بينهن وبين أزواجهن الكفار (ولا تمسكوا) قرأ أبو عمرو ويعقوب بالتشديد والآخرون بالتخفيف من الإمساك (بعصم الكوافر) والعصم جمع العصمة وهي ما يعتصم به من العقد والنسب والكوافر جمع الكافرة نهى الله المؤمنين عن المقام على نكاح المشركات يقول من كانت لهامرأة كافرة بمكة فلا يعتد بها فقد انقطعت عصمة الزوجية بينهما قال الزهري فلما نزلت هذه الآية طلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه امرأتين كانتا له بمكة مشركتين قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة فتزوجها بعده معاوية بن أبي سفيان وهما على شركهما بمكة والأخرى أم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية أم ابنه عبيد الله بن عمر فتزوجها أبو جهم بن حذافة بن غانم وهما على شركهما وكانت أروى بنت ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب تحت طلحة بن عبيد الله فهاجر طلحة وهي بمكة على دين قومها ففرق الإسلام بينهما فتزوجها في الإسلام خالد بن سعيد بن العاص بن أمية قال الشعبي وكانت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة أبي العصا بن الربيع أسلمت ولحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم وأقام أبو العصا بمكة مشركا ثم أتى المدينة فأسلم فردها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم (واسئلوا) أيها المؤمنون (ما أنفقتم) أي إن لحقت امرأة منكم بالمشركين مرتدة فاسألوا ما أنفقتم من المهر إذا منعوها ممن تزوجها منهم (وليسئلوا) يعني المشركين الذين لحقت أزواجهم بكم (ما أنفقوا) من المهر ممن تزوجها منكم (ذكلم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم) قال الزهري لولا الهدنة والعهد الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش يوم الحديبية لأمسك النساء ولم يرد الصداق وكذلك كان يصنع بمن جاءه من المسلمات قبل العهد فلما نزلت هذه الآية أقر المؤمنون بحكم الله عز وجل وأدوا ما أمروا به من نفقات المشركين على نسائهم وأبى المشركوت أن يقروا بحكم الله فيما أمروا من أداء نفقات المسلمين على نسائهم 11 فأنزل الله عز وجل (وإن فاتكم) أيها المؤمنون (شيء من أزواجكم إلى الكفار) فلحقن بهم مرتدات (فعاقبتم) قال المفسرون معناه غنمتم أي غزوتم فأصبتم من الكفار عقبى وهي الغنيمة
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»