سورة القصص من الآية 22 وحتى الآية 24 (قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) أي قصد الطريق إلى مدين قال ذلك لأنه لم يكن يعرف الطريق إليها قيل فلما دعا جاء ملك بيده عنزة فانطلق به إلى مدين قال المفسرون خرج موسى من مصر ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر والبقل حتى أنه يرى خضرته في بطنه وما وصل إلى مدين حتى وقع خف قديمه قال ابن عباس وهو أول ابتلاء من الله عز وجل لموسى عليه الصلاة والسلام 23 (ولما ورد ماء مدين) وهو بئر كانوا يسقون منها مواشيهم (وجد عليه أمة) جماعة (من الناس يسقون) مواشيهم (ووجد من دونهم) يعني سوى الجماعة (امرأتين تذودان) يعني تحبسان وتمنعان أغنامهما عن الماء حتى يفرغ الناس وتخلو لهم االبئر قال الحسن تكفان الغنم عن أن تختلط بأغنام الناس وقال قتادة تكفان الناس عن أغنامهما وقيل تمنعان أغنامهما عن أن تشذ وتذهب والقول الأول أصوبهما لما بعده وهو قوله (قال) يعني موسى للمرأتين (ما خطبكما) ما شأنكما لا تسقيان مواشيكما مع الناس (قالتا لا نسقي) أغنامنا (حتى يصدر الرعاء) قرأ أبو جعفر و أبو عمرو وابن عامر (يصدر) بفتح الياء وضم الدال على اللزوم أي حتى يرجع الرعاء عن الماء وقرأ الآخرون بضم الياء وكسر الدال أي حتى يصرفوا هم مواشيهم عن الماء والرعاء جمع راع مثل تاجر وتجار ومعنى الآية لا نسقي مواشينا حتى يصدر الرعاء لأنا ارمأتان لا نطيق أن نستسقي ولا نستطيع أن نزاحم الرجال فإذا صدروا سقينا مواشينا ما أفضلت مواشيهم في الحوض (وأبونا شيخ كبير) لا يقدر أن يسقي مواشيه فلذلك احتجنا نحن إلى سقي الغنم واختلفوا في اسم أبيهما فقال مجاهد والضحاك والسدي والحسن شعيب النبي عليه السلام وقال وهب بن منبه وسعيد بن جبير هو بيرون بن أخي شعيب وكان شعيب قد مات قبل ذلك بعدما كف بصره فدفن بين المقام وزمزم وقيل رجل ممن آمن بشعيب قالوا فلما سمع موسى قولهما رحمهما فاقتلع صخرة من رأس بئر أخرى كانت بقربهما لا يطيق رفعها إلا جماعة من الناس وقال ابن إسحاق إن موسى زاحم القوم ونحاهم عن رأس البئر فسقى غنم المرأتين ويروى أن القوم لما رجعوا بأغنامهم غطوا رأس البئر بحجر لا يرفعه إلا عشرة نفر فجاء موسى ورفع الحجر وحده وسقى غنم المرأتين ويقال إنه نزع ذنوبا واحدا ودعا فيه بالبركة فروى منه جميع الغنم فذلك قوله 24 (فسقى لهما ثم تولى إلى الظل) ظل شجرة فجلس في ظلها من شدة الحر وهو جائع (فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير) من طعام (فقير) قال أهل اللغة اللام بمعنى إلى يقال هو فقير له وفقير إليه يقول إني لما أنزلت إلي من خير أي طعام فقير محتاج (كان يطلب الطعام لجوعه قال ابن عباس سأل الله
(٤٤١)