تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٤٣٩
سورة القصص من الآية 15 وحتى الآية 18 وخافوه وخافهم فكان لا يدخل قرية إلا خائفا مستخيفا فدخلها يوما على حين غفلة من أهلها وقال ابن زيد لما علا موسى فرعون بالعصا في صغره فأراد فرعون قتله قالت امرأته هو صغير فترك قتله وأمر بإخراجه من مدينته فلما كبر وبلغ أشده فدخل المدينة على حين غفلة من أهلها يعني عن ذكر موسى أمر من بعد نسيانهم خبره وأمره لبعد عهدهم وروي عن علي في قوله (حين غفلة) فإنه كان يوم عيد لهم قد اشتغلوا بلهوهم ولعبهم (فوجد فيها رجلين يقتتلان) يختصمان ويتنازعان (هذا من شيعته) من بني إسرائيل (وهذا من عدوه) من القبط قيل الذي كان من شيعته السامري والذي من عدوه من القبط قيل طباخ فرعون اسمه فاتون وقيل هذا من شيعته وهذا من عدوه أي هذا مؤمن وهذا كافر وكان القبطي يسخر الإسرائيلي ليحمل الحطب إلى المطبخ قال سعيد بن جبير عن ابن عباس لما بلغ موسى أشده لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني إسرائيل بظلم حتى امتنعوا كل الامتناع وكان بنو إسرائيل قد عزوا بمكان موسى لأنهم كانوا يعلمون انه منهم فوجد موسى رجلان يقتتلان أحدهما من بني إسرائيل والآخر من آل فرعون (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني والاستغاثة طلب الغوث فغضبموسى واشتد غضبه لأنه تناوله وهو يعلم منزلة موسى من بني إسرائيل وحفظه لهم ولا يعلم الناس إلا أنه من قبل الرضاعة من أم موسى فقال للفرعوني خل سبيله فقال إنما أخذته ليحمل الحطب إلى مطبخ أبيك فنازعه فقال الفرعوني لقد هممت أن أحمله عليك وكان موسى قد أتي بسطة في الخلق وشدة في القوة والبطش (فوكزه موسى) وقرأ ابن مسعود (فلكزه موسى) ومعناهما واحد وهو الضرب بجميع الكف وقيل الوكز الضرب في الصدر واللكز في الظهر وقال الفراء معنهما واحد وهو الدفع قال أبو عبيدة الوكز الدفع بأطراف الأصابع وفي بعض التفاسير عقد موسى ثلاثا وثمانين وضربه في صدره (فقضى عليه) أي فقتله وفرغ من أمره وكل شيء فرغت منه فقد قضيته وقضيت عليه فندم موسى عليه ولم يكن قصده القتل فدفنه في الرمل (قال هذا من عم الشيطان إنه عدو مضل مبين) أي بين الضلالة 16 (قال رب إني ظلمت نفسي) بقتل القبطي من غير أمر (فاغفر لي فغفر لنا إنه هو الغفور الرحيم) 17 (قال رب بما أنعمت علي) بالمغفرة (فلن أكون ظهيرا) عونا (للمجرمين) قال ابن عباس الكافرين وهذا يدل على أن الإسرائيلي الذي أعانه موسى كان كافرا وهو قول مقاتل قال قتادة لن أعين بعدها على خطيئة قال ابن عباس لم يستثن فابتلي به في اليوم الثاني 18 (فأصبح في المدينة) أي في المدينة التي قتل فيها القبطي (خائفا) من قتله القبطي (يترقب)
(٤٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 ... » »»