تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٤٠٧
سورة النمل من الآية 7 وحتى الآية 10 وقيل من في النار موسى ومن حولها الملائكة وموسى وإن لم يكن في النار كان قريبا منها كما يقال بلغ فلان المنزل إذا قرب منه وإن لم يبلغه بعد وذهب بعضهم إلى أن البركة راجعة إلى النار وروى مجاهد عن ابن عباس أنه قال معناه بوركت النار وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال سمعت أبيا يقرأ أن بوركت النار ومن حولها و (من) قد يأتي بمعنى ما كقوله تعالى (فمنهم من يمشي على بطنه) و (ما) قد يكون صلة في الكلام كقوله (جند ما هنالك) ومعناه بورك في النار وفيمن حولها وهم الملائكة وموسى عليه السلام وسمى النار مباركة كما سمى البقعة مباركة فقال (البقعة المباركة) وروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن في قوله (بورك من في النار) يعني قدس من في النار وهو الله عني به نفسه على معنى أنه نادى موسى منها وأسمعه كلامه من جهتها كما روي أنه مكتوب في التوراة جاء الله من سيناء وأشرف من ساعين واستعلى من جبال فاران فمجيئه من سيناء بعثة موسى منها ومن ساعين بعثة المسيح منها ومن جبال فاران بعثة المصطفى منها وفاران مكة قيل كان ذلك نوره عز وجل قال سعيد بن جبير كانت النار بعينها والنار إحدى حجب الله تعالى كما جاء في الحديث \ حجابه النار لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه خلقه \ ثم نزه الله نفسه وهو المنزه من كل سوء وعيب فقال جل ذكره (وسبحان الله رب العالمين) ثم تعرف إلى موسى بصفاته فقال 9 (يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم) والهاء في قوله (إنه) عماد وليس بكناية وقيل هي كناية عن الأمر والشأن أي الأمر والشأن أي المعبود أنا ثم أرى موسى آية على قدرته فقال 10 (وألق عصاك فلما رآها تهتز) تتحرك (كأنها جان) وهي الحية الصغيرة التي يكثر اضطرابها (ولى مدبرا) وهرب من الخوف (ولم يعقب) ولم يرجع يقال عقب فلان إذا رجع وكل راجع معقب وقال قتادة ولم يلتفت فقال الله عز وجل (يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون) يريد إذا آمنهم لا يخافون وأما الخوف الذي هو شرط الإيمان فلا يفارقهم قال النبي صلى الله عليه وسلم \ أنا أخشاكم لله \
(٤٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 ... » »»