تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٤٠٨
سورة النمل من الآية 11 وحتى الآية 13 11 وقوله (إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم) واختلف في هذا الاستثناء قيل هذا إشارة إلى أن موسى حين قتل القبطي خاف من ذلك ثم تاب فقال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له قال ابن جريج قال الله تعالى لموسى إنما أخفتك لقتلك النفس وقال معنى الآية لا يخيف الله الأنبياء إلا بذنب يصيبه أحدهم فإن أصابه أخافه حتى يتوب فعلى هذا التأويل يكون الاستثناء صحيحا وتناهى الخبر عن الرسل عند قوله (إلا من ظلم) ثم ابتدأ الخبر عن حال من ظلم من الناس كافة وفي الآية متروك استغني عن ذكره بدلالة الكلام عليه تقديره فمن ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم قال بعض العلماء ليس هذا باستثناء من المرسلين لأنه لا يجوز عليهم الظلم بل هو استثناء من المتروك في الكلام معناه لا يخاف لدي المرسلون إنما الخوف على غيرهم من الظالمين إلا من ظلم ثم تاب وهذا من الاستثناء المنقطع معناه لكن من ظلم من سائر الناس فإنه يخاف فإن تاب وبدل حسنا بعد سوء فإن الله غفور رحيم يعني يغفر الله له ويزيل الخوف عنه وقال بعض النحويين إلا هاهنا بمعنى ولا يعني لا يخاف لدي المرسلون ولا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء يقول لا يخاف لدي المرسلون ولا المذنبون التائبون كقوله تعالى (لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم) يعني ولا الذين ظلموا ثم أراه الله آية أخرى فقال 12 (وأدخل يدك في جيبك) والجيب حيث جبب من القميص أي قطع قال أهل التفسير كانت عليه مدرعة من صوف لا كم لها ولا أزرار فأدخل يده في جيبه وأخرجها فإذا هي تبرق مثل البرق فذلك قوله (تخرج بيضاء من غير سوء) من غير برص (في تسع آيات) يقول هذه آية مع تسع آيات أنت مرسل بهن (إلى فرعون وقومه إنهم كانوا فاسقين) 13 (فلما جاءتهم آياتنا مبصرة) بينة واضحة يبصر بها (قالوا هذا سحر مبين) ظاهر 14 (وجحدوا بها) أي أنكروا الآيات ولم يقروا أنها من عند الله (واستيقنتها أنفسهم) يعني علموا أنها من عند الله قوله (ظلما وعلوا ) يعني شركا وتكبرا عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى (فانظر كيف كان عاقبة المفسدين) 15 قوله عز وجل (ولقد آتينا داود وسليمان علما) يعني علم القضاء ومنطق الطير والدواب وتسخير الشياطين وتسبيح الجبال (وقالا الحمد لله الذي فضلنا) بالنبوة والكتاب وتسخير الشياطين والجن والإنس (على كثير من عباده المؤمنين) 16 (وورث سليمان داود) نبوته وعلمه وملكه دون سائر أولاده وكان لداود تسعة عشر ابنا وأعطي
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»