سورة الحج من الآية 45 وحتى الآية 47 (أهلكناهم) بالنون والألف على التعظيم (وهي ظالمة) يعني وأهلها ظالمون (فهي خاوية) ساقطة (على عروشها) على سقوفها (وبئر معطلة) يعني وكم من بئر معطلة متروكة مخلاة عن أهلها (وقصر مشيد) قال قتادة والضحاك ومقاتل رفيع طويل من قولهم شاد بناءه إذا رفعه وقال سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء مجصص من مشيد وهو الجص وقيل إن البئر المعطلة والقصر المشيد باليمن أما القصر فعلى قلة جبل والبئر في سفحه ولكل واحد منهما قوم كانوا في نعمة فكفروا فأهلكهم الله وبقي البئر والقصر خاليين وروى أبو روق عن الضحاك أن هذه البئر كانت بحضرموت في بلدة يقال لها حاضوراء وذلك أن أربعة آلاف نفر ممن آمن بصالح نجوا من العذاب أتوا حضرموت ومعهم صالح فلما حضروه مات صالح فسمى حضرموت لأن صالحا لما حضره مات فبنوا حاضوراء وقعدوا على هذه البئر وأمروا عليهم رجلا فأقاموا دهرا وتناسلوا حتى كثروا ثم إنهم عبدوا الأصنام وكفروا فأرسل الله عليهم نبيا يقال له حنظلة بن صفوان كان حمالا فيهم فقتلوه في السوق فأهلكهم الله وعطلت بئرهم وخربت قصورهم 46 (أفلم يسيروا في الأرض) يعني كفار مكة فينظروا إلى مصارع المكذبين من الأمم الخالية (فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها) يعني ما يذكر لهم من أخبار القرون الماضية فيعتبرون بها (فإنها) الهاء عماد (لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) ذكر التي في الصدور تأكيدا كقوله (يطير بجناحيه) معناه أن العمى الضار هو عمى القلب فأما عمى البصر فليس بضار في أمر الدين قال قتادة البصر الظاهر بلغة ومتعة وبصر القلب هو البصر النافع 47 (ويستعجلونك بالعذاب) نزلت في النضر بن الحارث حيث قال إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء (ولن يخلف الله وعده) فأنجز ذلك يوم بدر (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي يعدون بالياء هاهنا لقوله (يستعجلونك) وقرأ الباقون بالتاء لأنه أعم لأنه خطاب للمستعجلين والمؤمنين واتفقوا في تنزيل السجدة أنه بالتاء قال ابن عباس يعني يوما من الأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض وقال مجاهد وعكرمة يوما من أيام الآخرة والدليل عليه ما روي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ أبشروا يا معاشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يوم وذلك مقدار
(٢٩١)