تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٧
وتعظيمها استسمانها واستحسانها وقيل شعائر الله أعلام دينه فإنها من تقوى القلوب أي فإن تعظيمها من تقوى القلوب 33 (لكم فيها) أي في البدن قبل تسميتها للهدي (منافع) في درها ونسلها وأصوافها وأوبارها وركوب ظهورها (إلى أجل مسمى) وهو أن يسميها ويوجبها هديا فإذا فعل ذلك لم يكن له شيء من منافعها هذا قول مجاهد وقول قتادة والضحاك ورواه مقسم عن ابن عباس وقيل معناه لكم في الهدايا منافع بعد إيجابها وتسميتها هديا بأن تركبوها وتشربوا ألبانها عند الحاجة إلى أجل مسمى يعني إلى أن تنحروها وهو قول عطاء بن أبي رباح واختلف أهل العلم في ركوب الهدي فقال قوم يجوز له ركوبها والحمل عليها غير مضر بها وهو قول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق لما أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا أبو علي زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال \ أركبها فقال إنها بدنة قال اركبها فقال إنها بدنة قال اركبها ويلك في الثانية أو الثالثة \ وكذلك قال له \ اشرب لبنها بعدما فضل عن ري ولدها \ وقال أصحاب الرأي لا يركبها وقال قوم لا يركبها إلا أن يضطر إليه وقال بعضهم أراد بالشعائر المناسك ومشاهدة مكة لكم فيها منافع بالتجارة والأسواق إلى أجل مسمى وهو الخروج من مكة وقيل لكم فيها منافع بالأجر والثواب في قضاء المناسك إلى أجل مسمى أي إلى انقضاء أيام الحج (ثم محلها) أي منحرها (إلى البيت العتيق) أي منحرها عند البيت العتيق يريد أرض الحرم كلها كما قال (فلا تقربوا المسجد الحرام) أي الحرم كله وروي عن جابر في قصة حجة الوداع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال \ نحرت هاهنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم \ ومن قال الشعائر المناسك قال معنى قوله (ثم محلها إلى البيت العتيق) أي محل الناس من إحرامهم إلى البيت العتيق أي أن يطوفوا به طواف الزيادة يوم النحر 34 قال الله تعالى (ولكل أمة) يعني جماعة مؤمنة سلفت قبلكم (جعلنا منسكا) قرأ حمزة والكسائي بكسر السين هاهنا وفي آخر السورة على معنى الاسم مثل المسجد والمطلع يعني مذبحا وهو موضع القربان وقرأ الآخرون بفتح السين على المصدر مثل المدخل والمخرج يعني إراقة الدماء وذبح القرابين (ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) عند نحرها وذبحها وسماها بهيمة لأنها لا تتكلم وقال (بهيمة الأنعام) وقيدها بالنعم لأن من البهائم ما ليس من الأنعام كالخيل والبغال والحمير لا يجوز ذبحها في القرابين (فإلهكم إله واحد) أي سموا على الذبائح اسم الله وحده فإن إلهكم إله واحد (فله أسلموا) انقادوا وأطيعوا (وبشر المخبتين) قال ابن عباس وقتادة المتواضعين وقال مجاهد المطمئنين إلى الله عز وجل والخبت المكان المطمئن من الأرض وقال الأخفش الخاشعين وقال النخعي المخلصين وقال الكلبي هم الرقيقة قلوبهم وقال عمر بن أوس هم الذين لا يظلمون وإذا ظلموا لم يقتصروا
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»