تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١٤٥
سورة الكهف من الآية 7 وحتى الآية 10 9 قوله تعالى (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من أياتنا عجبا) يعني أظننت يا محمد أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا أي هم عجب من آياتنا وقيل معناه إنهم ليسوا بأعجب من آياتنا فإن ما خلقت من السماوات والأرض وما فيهن من العجائب أعجب منهم والكهف هو الغار في الجبل واختلفوا في الرقيم قال سعيد بن جبير هو لوح كتب فيه أسماء أصحاب الكهف وقصصهم وهذا أظهر الأقاويل ثم وضعوه على باب الكهف وكان اللوح من رصاص وقيل من حجار فعلى هذا يكون الرقيم بمعنى المرقوم أي المكتوب والرقم الكتابة وحكى عن ابن عباس أنه قال هو اسم للوادي الذي فيه أصحاب الكهف وعلى هذا هو من رقمه الوادي وهو جانبه وقال كعب الأحبار هو اسم للقرية التي خرج منها أصحاب الكهف وقيل اسم للجبل الذي فيه الكهف ثم ذكر الله قصة أصحاب الكهف 10 (إذ أوى الفتية إلى الكهف) أي صاروا إليه واختلفوا في سبب مصيرهم إلى الكهف فقال محمد بن إسحاق ومحمد بن يسار مرج أهل الإنجيل وعظمت فيهم الخطايا وطغت فيهم الملوك حتى عبدوا الأصنام وذبحوا للطواغيت وفيهم بقايا على دين المسيح متمسكين بعبادة الله وتوحيده فكان ممن فعل ذلك من ملوكهم ملك من الروم يقال له دقيانوس عبد الأصنام وذبح للطواغيت أو قتله حتى نزل مدينة أصحاب الكهف وهي أفسوس فلما نزلها كبر على أهل الإيمان فاستخفوا منه وهربوا في كل وجه وكان دقيانوس حين قدمها أمر أن يتبع أهل الإيمان فيجمعوا له واتخذ شرطا من الكفار من أهلها يتبعون أهل الإيمان في أماكنهم فيخرجونهم إلى دقيانوس فيخيرهم بين القتل وبين عبادة الأوثان والذبح للطواغيت فمنهم من يرغب في الحياة ومنهم من يأبى أن يعبد غير الله فيقتل فلما رأى ذلك أهل الشدة في الإيمان بالله جعلوا يسلمون أنفسهم للعذاب والقتل فيقتلون ويقطعون ثم يربط ما قطع من أجسامهم على سور المدينة من نواحيها وعلى كل باب من أبوابها حتى عظمت الفتنة فلما رأى ذلك الفتية حزنوا حزنا شديدا فقاموا واشتغلوا بالصلاة والصيام والصدقة والتسبيح والدعاء وكانوا من أشراف الروم وكانوا ثمانية نفر بكوا وتضرعوا إلى الله وجعلوا يقولون ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا إن عبدنا غيره اكشف عن عبادك المؤمنين هذه الفتنة وارفع عنهم هذا البلاء حتى يعلنوا عبادتك فبينما هم على مثل ذلك وقد دخلوا في مصلى لهم أدركهم الشرط فوجدوهم وهم سجود على وجوههم يبكون ويتضرعون إلى الله فقالوا لهم ما خلفكم عن أمر الملك انطلقوا إليه ثم خرجوا فرفعوا أمرهم إلى
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»