تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٣٩٤
سورة هود (آية 74 79) (فلما ذهب عن إبراهيم الروع) الخوف (وجاءته البشرى) بإسحاق ويعقوب (يجادلنا في قوم لوط) فيه إضمار أي: أخذ وظل يجادلنا. قيل: معناه يكلمنا لأن إبراهيم عليه السلام لا يجادل ربه عز وجل إنما يسأله ويطلب إليه. وقال عامة أهل التفسير: معناه يجادل رسلنا وكانت مجادلته أنه قال للملائكة أرأيتم لو كان في مدائن لوط خمسون من المؤمنين أتهلكونهم قالوا: لا قال: أو أربعون قالوا: لا قال: أو ثلاثون قالوا: لا حتى بلغ خمسة قالوا: لا قال: أرأيتم إن كان فيه رجل واحد مسلم أتهلكونها قالوا: لا قال لهم إبراهيم عند ذلك: إن فيها لوطا قالوا: نحن أعلم بمن فيها لننجيه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين فذلك قوله إخبارا عن إبراهيم عليه السلام: (يجادلنا في قوم لوط). (إن إبراهيم لحليم أواه منيب) قال ابن جريح: وكان في قرى قوم لوط أربعة آلاف ألف فقالت الرسل عند ذلك لإبراهيم. (يا إبراهيم أرض عن هذا) أي: أعرض عن هذا المقال ودع عنك الجدال (إنه قد جاء أمر ربك) أي: عذاب ربك وحكم ربك (وإنهم آتيهم) نازل بهم (عذاب غير مردود) أي: غير مصروف عنهم. قوله تعالى: (ولم جاءت رسلنا) يعني: هؤلاء الملائكة (لوطا) على صورة غلمان مرد حسان الوجوه (س يء بهم) أي: حزن لوط بمجيئهم سؤته فسيء كما يقال: سررته فسر. (وضاق بهم ذرعا) أي: قلبا يقال: ضاق ذرع فلان بكذا إذا وقع بمكروه لا يطيق الخروج منه وذلك أن لوطا عليه السلام لما نظر إلى حسن وجوههم وطيب روائحهم أشفق عليهم كم قومه أن يقصدوهم بالفاحشة وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عنهم. (وقال هذا يوم عصيب) أي: شديد كأنه عصب به الشر والبلاء أي: شد. قال قتادة والسدي: خرجت الملائكة من عند ربهم عليه السلام نحو قرية قوم لوط فأتوا لوطا نصف النهار وهو في أرض له يهمل فيها. وقيل: إنه كان يحتطب. وقد قال الله تعالى للملائكة: لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوطا أربع شهادات فاستضافوه فانطلق بهم فلما مشي بهم ساعة قال لهم: ما بلغكم أمر أهل هذه القرية قالوا: وما أمرهم قال: أشهد بالله إنها لشر قرية في الأرض عملا يقول ذلك أربع مرات فدخلوا معه منزله. وروي: أنه حمل الحطب وتبعته الملائكة فمر
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»